09 أكتوبر 2015

ذاكرة تشرين الممتلئة

33 تعليق


حاولت أن أنفض غبار الألم فلم أستطع، كيف اتخذت للوجع فصلا؟ وكيف ارتبطت ذاكرتي بتشرين الحزين؟

ضمائر منتهية الصلاحية، مواقف مهزومة كحصى يشوه صفحة الماء، موت مفاجئ بلا احتضار ولا جنائز، أزقة بلا عناوين وأسماء بلا ألقاب، دم مسفوك وشارة نصر على الحيطان، نعوش فارغة أخطأت موعد أصحابها، خريف يعري خرائبنا ليداري سوءته، رموش أرض ذابلة أعياها مخاض الشجر، وجوه راجفة تتساقط كالورق اليابس، على الأسوار العالية أكاليل شوك تراوغ الأسرى في أواخر الليل، قصائد حب يتيمة هنا وهناك تنازلت عن عرشها للحزن ودمع الأغنيات، مفاتيح المدينة الضائعة والأسواق المغلقة، غبار الأسئلة وليالي الانتظار، رائحة الهال المنسية، قهقهات العذارى في أمس قريب..

بين ركام الوجع هذا أبحث في أنقاضي عن نور يشعل فتيل الحياة.. فلا أجد...

في هذا الخريف الوحشي، أشتهي أن أفرّ من حزني ونغني للفرح ملء الحناجر، أن أعثر على الوطن الضائع في جسدي، أبذر في الأرض شموسا وأخرج مع الراحلين في نزهة قصيرة، أمحو الشريط العاجل المضمخ بالأحمر في نشرة المساء، أوزع ثقوب الضوء في كل الأمكنة، أعيد الأغصان للشجر العاري، أفتح شباكي وأنام على صدر القمر، أكتب قصائد لأطفال وطني وأحميهم من سفاح الطفولة والزمن، أزيح ضباب الغد وأمحو الأزمنة الداكنة، أشتهي أن أنام بين قصيدتين: لبلاد الشمس والحب والحريات، لطير غاب في الزحام وعاد لينبت في دمي يضمد جرح المدينة وينام كغزال على جبهتي حين تلفظني بلاد الغرباء..

سأحلم ليلة إضافية ببرج الحمام والنجوم الضاحكة، بوطن لا يشيخ  وأنخاب جديدة، بالزنابق البيضاء تنمو في فمي، بالأقحوان الممدود على ضفاف السماء، بنخل يرضع غيمة ماطرة، بأرض تسع الحالمين وسماء تتلحفهم..

سأحلم ليلة أخرى بغصن زيتون كقلبي.. لا ينكسر...

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More