25 أبريل 2011

وجدة..عروس الشرق

31 تعليق


سأحدثكم هنا عن مدينتي، عن وجدة، عاصمة المغرب الشرقي، سأسرد على مسامعكم جزءا من تاريخها الغني بالأحداث، ففي غمرة المدن العالمية التي زرتها، نسيت أن أخصص حصة لمدينة تحتضن بين يديها أنفاسي..يغفر لي في ذلك المثل الفرنسي..(vaut mieux tard que jamais)..سأرفقها بصور التقطتها خلال هذه الإجازة الربيعية..

باب عبد الوهاب
اختلف الباحثون والمؤرخون عن أصل تسميتها، لكن الأرجح مرتبط بحدث تاريخي تمثل في مطاردة المغاربة لسليمان الشماخ الذي اغتال الملك إدريس الأول بأمر من العباسيين حيث دس له السم، ثم فر نحو الشرق هاربا، فاقتفوا أثره ووجدوه في مكان قريب من وجدة الحالية، وقتلوه، وبذلك سميت وجدة..

تقع مدينتي في أقصى شرق المملكة على الحدود المغربية الجزائرية، إذ لا يفصل بينها وبين المركز الحدودي سوى 14 كلم..كما تبعد عن ساحل البحر الأبيض المتوسط بستين كلم..

تأسست المدينة على يد الزعيم زيري بن عطية المغراوي (نسبة إلى مغراوة إحدى قبائل زناتة البربرية)..وذلك عام 994م، بعد أن ولاه الفاتح الأندلسي محمد بن أبي عامر على المغرب الأقصى، حيث اتخذ مدينة فاس عاصمة لمملكته،  لكنه دخل في صراع مع محمد بن أبي عامر في الأندلس والفاطميين والصنهاجيين في المغرب الأوسط، الشيء الذي جعله يبني مدينة وجدة لتوسيع مملكته  وتحصينه من الأخطار المحدقة به من الناحية الشرقية..

المدينة القديمة
ولمدينتي حكاية أخرى مع الاستعمار الفرنسي، فموقعها الحدودي مع الجزائر كلفها وساكنتها احتضان المقاومة الجزائرية ومدهم بالمال والسلاح ودعمهم على كل المستويات خاصة على عهد الأمير عبد القادر الجزائري..وهذا ما جعل وجدة في عيون فرنسا الباب الرئيسي لاحتلال المغرب والسيطرة على الشمال الإفريقي بدعوى القضاء على القواعد الخلفية للمقاومة الجزائرية..فدخلت فرنسا حربا مع المخزن المغربي عام 1844م في معركة إسلي، لضرب البلاد بحجة مساندة المغرب للمقاومة الجزائرية، والتي انتهت بهزيمة المغاربة وأبانت عن ضعف المخزن المغربي أنذاك، حيث أجبروا على توقيع اتفاقية للامغنية في العام الموالي، التي كان أبرز بنودها رسم الحدود بين الدولتين المغربية والجزائر المستعمرة، إلى أن دخل الجيش الفرنسي مدينة وجدة تحت قيادة الجنرال الفرنسي ليوطي بتاريخ 24 مارس 1907م..

حدث اخر عاشته وجدة عام 1948، تمثل في ذبح 48 يهوديا، قيل أن السبب الرئيسي فيه هو قيام الحاكم العسكري الفرنسي روني برونل بالتحريض ضد يهود وجدة الذين أظهروا انحيازهم للمستعمرين ضد المقاومين،  فاغتنم الحاكم الفرصة لدفع اليهود إلى المغادرة إلى إسرائيل وذلك بتنسيق سري مع الوكالة الصهيونية العالمية..

باب الغربي
أما الان، فسنقف على بعض المعالم الرئيسية التي تمثل المدينة، فنجد باب سيدي عبد الوهاب، هذا الباب الأثري المطل على ساحة عبد الوهاب، يعتبر مركز المدينة، حيث يعد نقطة انطلاق والتقاء الطرق المؤدية إليه والمنطلقة منه..وبه تتمركز التجارة..
كما نجد باب الغربي، المطل على ساحة سرت، على اسم المدينة الليبية المتوأمة مع مدينة وجدة، وهناك أيضاً سوق الفلاح، سوق عريق، قديم وكبير، تجد به ساكنة البلد جميع مستلزمات حياتها اليومية..

كما توجد ساحات متعددة منها ساحة 16غشت  حيث جامع عمر ابن عبد العزيز الكبير، و9 يوليوز والمغرب العربي، وتبقى ساحة المغرب هي الأهم حيث نافورة عظيمة تحيط بها محلات تجارية متنوعة..

ساحة ١٦ غشت
هذا إضافة إلى معالم دينية شهيرة كمعهد البعث الإسلامي للعلوم الشرعية الذي يتخرج منه مئات الطلاب وحفظة القرآن، فضلا عن المجلس العلمي الذي يضم أهم مكتبات المدينة..


نجد أيضاً وسط شارع محمد الخامس كنيسة سان لويس دانجو حيث أول كنيسة بناها المستعمر الفرنسي..

كنيسة سان لويس دانجو
بالمدينة أيضاً يوجد ضريح سيدي يحيى بن يونس، الذي يزوره منذ مئات السنين يهود ونصارى ومسلمون، حيث أفادت النصوص التاريخية أن الولي المدفون هاجر من قشتالة بالأندلس إلى وجدة واستقر بها، ثم مات ودفن بها أيضاً، أما مصادر أخرى، فتفيد أن به جثمان أو أجزاء منه للقديس يوحنا المعمدان ( النبي يحيى بن زكريا).. والذي يظل إلى اليوم مزارا لأعداد هائلة من يهود العالم .

ضريح يحيى بن يونس
وأنت تجوب شوارع وجدة، لا تنسى التوقف عند بائع ( كاران) ، الوجبة الوجدية السريعة والشهيرة، المصنوعة من دقيق الحمص، ترفقها بمشروب البرتقال ( بريدة) الغني عن التعريف عند ساكنة البلد..


ثلاثة سقاقي
تذوق كعك المدينة مرفوقا بكأس شاي على الطريقة الشرقية، ثم خصص لنفسك سويعة استرخاء وسط حمامات وجدة التقليدية..

مارينا-السعيدية-
مارينا-السعيدية-
 إن كنت من عشاق البحر مثلي، فعليك بالمحطة السياحية القديمة العهد، الحديثة التجديد (السعيدية)، التي تبعد عن وجدة بحوالي 60 كلم، حيث الشمس والبحر، تمارس كل أنواع الرياضات المائية بكل حرية..أما إن كنت من أكلة فواكه البحر الشرهين، مثلي كذلك، فعليك بوجبة غذائية متكاملة في راس الماء (cap de l'eau)،
حيث أجود أنواع السمك ولا تنسى احتساء شربة السمك أيضاً..ما ألذها..


CAP DE L'EAU
هنا نقلت لكم بعضا مما قاله التاريخ عن مدينتي، وما عشته وعايشته في هذه المدينة التي تشهد حاليا موجة من النمو والازدهار يرجع الفضل فيها إلى سياسة ملك المغرب محمد السادس الذي يوليها اهتماما بالغا، ينصفها بعد سنين الركود التي عاشتها أعواما طوال في ظل النظام القديم..

16 أبريل 2011

أفضل مدونة عربية .. شكرا لكم

44 تعليق

قوية كانت لحظة السعادة وأنا أشهد إعلان مدونتي كأفضل مدونة عربية للعام 2011 في مسابقة أرابيسك، رغم عمرها القصير، فهي لم تتجاوز الستة أشهر على انطلاقها..

وأنا بين أحضان الوطن وعائلتي، أسعدني هذا التتويج، فخر واعتزاز راوداني وأنا ألمح البسمة تتلألأ في عيون من أحبهم، فشكر عظيم لكل من كان له الفضل في رسم هذه البسمة الصادقة..
شكر عميق لعائلتي، لقراء مدونتي وزوارها الكرام، لصديقتي اللطيفة، وشكر خاص لأعضاء لجنة التحكيم على ثقتهم وتشجيعهم لمدونتي وللتدوين بصفة عامة..
لكم مني أطيب المنى ومسيرة تدوينية موفقة للجميع .

10 أبريل 2011

إلى الوطن ..

35 تعليق


الوطن ينادي أيها الأحبة، رائحة ترابه تنخر عباب جسدي، تحرضني على الهرولة، لعناق سماء المغرب الزرقاء، لم أعد أرى أضواء برج إيفل تلمع، ولم يعد يغريني منظر السين وجسوره التي يرصف فوقها العشاق ليلا، أريد أن أستنشق اللحظة ووطني، أشتم رائحة خبز أمي، أنصت لنصائحها، أحتضن حنانها، أشتاق لمجالسة الدركي المحنك، أقصد والدي، وندخل معا أغوار النقاش، الذي يحتدم، يهوي، ويعلو، ثم ينتهي بدرس أستفيده من الحياة مرة إضافية على يديه، أحن لمنظر أختي، وهي تسرع، تركب سيارتهاعلى عجل، لأنها استنزفت آخر الدقائق معنا، قبل أن تذهب للعمل، أشتاق لأخي الصغير، لمشاداته الكلامية، لعصبيته، لنوباته الطفولية، لمشاكسته حتى يثور، ثم يغادر رفقة دراجته النارية، ويعود محملا بأخبار ونكت هستيرية..

سأشد الرحال إلى وطني، أشربه جرعة مسكنة، أبدد تراكمات باريسية، أجدد ما بداخلي، كي أعود مشبعة بشمس ورائحة المغرب، أختزن فيض الإحساس لأيام فرنسية باردة قادمة.. 
إلى أن نلتقي..دامت لكم السلامة أيها الأحبة. 

05 أبريل 2011

نفحات الذكرى

27 تعليق


أذكرها جيدا، كانت جميلة كليلة حلم أبيض، أجنحتها كانت تحتضننا بدفئ يشبه ذلك الذي تغدقه العصفورة الأم على صغارها،  كنا كالشجرة، وكانت الأرض التي تمتد فيها جذورنا، عطاؤها اللامحدود لا تجد له قياسا، مسالك روحها مشرعة، تعبرها قلوبنا الصغيرة على مدى الأيام، كانت ملاك اليوم والغد وكل الأزمان..
كنا نتنفس الحياة من أشعتها، ونبني من خيالنا بيتا تسكنه قصصها المثيرة التي كانت تكافئنا بها بعد نهاية الواجبات المدرسية، كما الترس المنيع هذه الشابة في مقتبل العمر، تحصننا أسوارها القائمة فوق أرض خصبة لا ينمو بجانبها غير الحب، يلفها سياج من إخلاص غير مسبوق..

لكم أحن إلى أيام الأبجدية الأولى، التي لقنتني إياها، نِعم الخالة والمربية والأخت والصديقة كانت، تتلمذت على يديها، تعلمت منها أشياء وحفظت أخرى، كانت تبغي تفوقنا، اجتهدت لذلك، وكان لها دوما ما أرادت..
عصامية التكوين تلك الفاتحة المسالمة التي غزت دواخلنا بطيبوبتها، وما أعلنته جوانبها وما أضمرت من إخلاص وتفانٍ تشهد به ذاكرتي بعدما عبرتُ عمرا من الزمن، ولازلت أقف على جسور الوفاء الشامخة التي ظلت تشهد صلابة بنيانها..

ترتسم مع الحروف صورة الماضي، ونحن نقتسم نفس الغرفة، المكتب الذي ظل زمنا يحتفظ بذكريات السهر، والواجبات..أبتسم كلما زارتني ذكراها، القراءة والقرآن الكريم والرياضيات ودفاتر الرسم..آه من الرياضيات، كنت أمضي في حلها رفقتها زمنا أطول، كانت تشرح وتعيد الشرح، إلا أن يستقر حل المسألة في قرارة ذاتي، مرغما، فمعها، لا مجال لكلمة لا أو ربما، أو ممكن، كان الإيجاب كل ما تعترف به، قبل أن نطلق العنان لمخيلتنا، نسابق أحلام اليقظة وهي تسرد على مسمع مني ومن أختاي قصصنا المفضلة من سلسلات (bande dessinée)..تحضرني الان واحدة..تلك التي انتهت بفيضان قدر الحساء الذي تدفق إلى أن أغرق المدينة كاملة..^_^..

شعور لامع كخيوط شمس ربيعية يرقص في علياء السماء، تحول ذهبا، طوقني هذا المساء، بإكليل من عبق الماضي، ارتشفت منه ما أشتهي، أباد تراكمات يومية، جرفها الحنين إلى طفولة زاخرة بذكريات جمة..
فلكِ مني أيتها الغالية رسالة شكر عظيم، أنحني فيها بين يديك، أضع قبلة زاهرة على خدك، تفيض بعطر المحبة التي تسكنني كلما مرت بحواسي ذكراك.

01 أبريل 2011

لله درُّكِ..

23 تعليق


نمشي الهوينى..
نتبجح..وكأن الزمان لا يعنينا
وكأن فتيل القنبلة ليس مشتعلا فينا
ليس يهدد الصخر والولد والمدينة
والصمت ..باذخ يستحيل سكينا
يقطع أنفاس الفجر الأولى
ويغتصب عند بابه..
نجمة عذراء تزين أعالينا

ضفائرالجدة تصرخ..
أيا سافلا بمعين الدمع أسقيت أهالينا
 قشرة الأرض تخِزها أظافرنا وتشتكينا
ثم تُسلِّم، وتحنو، تصطبر..
تتمخض لتنجب طبقة أخرى
تغطي وجهها الحزينَ
فينقشع البرق، مزمجرا..
ينسل بين ضفاف المدى..
ثم يردد بأعلى صوته..
سأبقى أنخر عباب الصمت..
أقض مضجع الولاة.. 
ما بقيتِ حزينةً يا فلسطينَ..

على دفتر الشمس تقلب صفحات الأمنيات
مرصفة كما الحسناء الرصينة
تنتظر لستين عام ..
في الليل الأليل صهوة الجواد العربي..
وسيفه المسلول من غمد الذاكرة
فتدمع المسامع حيناً لأنها لا تسمع صهيله
ويتندى لها الجبين حيناَ..

تتراقص جدائل الصغيرة
 تنطق يا أبتي..
لا دمع ولا تكدر فنحن جنود الحزن
نضيِّفها في الصباح والمساء
وعند الليل ينام الحزن فينا حزيناَ..
يقول مالي سكنت هذا القوم
ولم أرتضي غيره خدرا مذ كان جنيناَ 
وتهرول مصانع النسيج الأبيض
تغزل قطعا..
تضعها على أكتاف الرضع
والشباب والشيب..بالتساوي
لا تكلُّ من أعوام ستيناَ

أنا..بعد سنينٍ، وسنيناَ
لم أرى سوى العروبة معروضة في ساحة البغاء
تحتال على الطقوس والشرائع
وتمشي مختالة فوق جثة البشر
تحذف من علبة الألوان لون الغضبْ
تكدس في راحتيها أطنانا من الذهبْ
الأسود والأبيض..
يشعل فيها لهيبا..
يحرق من مراجع التاريخ
ماضٍ   كان اسمه - العربْ  - .

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More