27 سبتمبر 2010

مهاجرون ولكن ..

10 تعليق

ما نوع الغربة التي تعصف بنا يا ترى؟ وهل نصنفها ضمن غربة الزمان، أم غربة المكان، أم غربة العقيدة، أم هي غربة الوطن..؟
ونحن في باريس، كما هو حال جل مواطن الغربة،حسب اعتقادي،قد تكون بعضا من هذا أو جزئه أو كله، هي ما نعيشه ونعايشه، ما يتدخل في أدق تفاصيل حياتنا، إنها تلك الصفحة البيضاء التي نرسم عليها آلامنا، آمالنا، حاضرنا، ومستقبلنا..

لكن الإحساس بهذه الغربة، لن أقول اندثر، ولكن قلت حدته، بدأ يتلاشى تدريجيا مقارنة مع ما شهده الجيل الأول من آبائنا وأجدادنا، الذين وجدوا صعوبة كبيرة في الاندماج يعزى بالأساس إلى جهل أغلبيتهم للغة الفرنسية أو عدم إتقانها، زد على ذلك ما حملوه معهم من موروث ثقافي، وزخم من العادات والتقاليد التي حاولوا الحفاظ عليها والتمسك بتفاصيلها، فاشتغلوا في جميع المجالات، وهذا ما جعلهم في منأى عن الأحداث البارزة، وقطع صلتهم بكل ما هو خارجي، ورضاهم بالنزر اليسير مما تقدمه البلاد المضيفة، وقد آثرت هذه الفئة الانعزال مخافة طمس معالم الهوية الإسلامية لصالح مجتمع غربي.

أما الآن، وقد تغلغلت فئة من الجيل الثاني، والجيل الثالث وسط أحشاء هذه المجتمعات، فدافعوا عن حرياتهم، ورددوا شعاراتهم، وطالبوا بحقوقهم، ثم درسوا وجدوا وثابروا ، واكتسحوا الجامعات والمعاهد، رسموا لأنفسهم صورة تليق بمؤهلاتهم، وجعلوا من بلد الاستقبال يقيمهم بحسب مستوياتهم وقدراتهم، وانخرطوا في ميادين كانت حكرا على الفرنسيين من قبل، وقلة شبه معدومة من المهاجرين، فصاروا بذلك خبراء وتقنيين ورجال أعمال ومهندسين وصحفيين..وشغلوا مناصب قيادية هامة، وترشحوا لانتخابات بلدية وتشريعية، وانظموا لهيئات ومنظمات وأحزاب عدة .

وهذا ما برهن على كون التمسك بالهوية لا يعني الصراع مع الوسط الذي نعيش فيه، أو نبده، أو جعله ذريعة نستتر ورائها لننعزل عن العالم، بقدر ما هو جسر يجب تثبيته لتأصيل أواصر التواصل والتقريب بين الثقافتين والانفتاح على حضارات أخرى .
فتحقيق الاندماج الإيجابي رهين بالفرد نفسه، وبقدرته على الانخراط في مجتمع له عاداته وتقاليده وضوابطه، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية، وتثبيت جدورها حتى تستمسك بها الأجيال القادمة، وخلق نوع من الثقة تخدم الطرفين.

هذا ولا ننفي موجات العنصرية التي تضرب كل حين، يدعمها اليمين المتطرف والذي ما فتأ يشن هجومات بين الفينة والأخرى تعزز سياسة التمييز و التهميش، وتولد الحقد، وتضع عقبات في وجه الحضور العربي لتحول دون فرضهم لأسمائهم كشخصيات بارزة وفاعلة، ساهمت ولا تزال في تطوير الفكر وقيام النهضة .
ولمسلمي فرنسا دور في هذا التباين الشديد، وهذا الجهل المطبق بحقيقة الإسلام والمسلمين، فجهودهم للتعريف بهم وبعقيدتهم تبقى ضئيلة أمام الضغوطات المتزايدة عليهم..وهنا أشير إلى دور المراكز الثقافية والإسلامية وكذلك الجمعيات التي كان من المفروض أن تبلور مشاريع حقيقية ملموسة، تهدف إلى التعريف بالإسلام على نطاق واسع، وتحقيق التواصل والانفتاح على الآخر، ونقل كل ما يمكنه أن يكون ذا مردود إيجابي يعود بالنفع على الأمة الإسلامية.

لكن ومع كل هذا، فلن يقف الانتماء، ولا العقيدة، ولا غيرهما، عقبة أمام من يؤمن بنفسه، وبقدراته ومؤهلاته، ويسعى لتحقيق طموحه، ليصبح عضوا فاعلا، وفردا مندمجا، في مجتمع اختاره موطنا بديلا، أو ربما أرغمته الظروف على ذلك.

19 سبتمبر 2010

لمن لا يعرف بلدي ..!!

13 تعليق

كيف يتحدثون عن بلدي وهم لا يعرفونه..؟؟
استغربت للأمر، وللأمانة غاضني كذلك، فارتأيت أن أصحح هنا بعض المعلومات المغلوطة.. أقصد الترهات العجفاء..

قيل لي كيف تذهبين إلى إسبانيا وهناك منبت العنصرية، وكيف تزورين إيطاليا، سيؤرقك شعبها الصعب المراس، وألمانيا، عمليون حد الجنون، ستتوهين هناك..بلجيكا..احتلها العرب من جديد..ستملين، اصرفي نظرك عنها...ماذا قلتِ ؟؟..قطر..أجننت، إنه الخليج..!! ..مصر..ربما، ولكن عليك الحيطة والحذر...لا لا..ظلي في مدينة الأنوار، ما شأنك وبلاد الإنجليز..سيتملكك القنوط في مدينة الضباب..
أهكذا نصدر فقاعات في الهواء، دون أن نلتمس الأمر ونتحسسه..ومن قال أنني لم أحبها وغيرها..لكل بلد، مزايا وخصائص كما له سلبياته، لذلك لا داعي لترويج شائعات تُضر بمروجيها قبل كل شيء.. 

كيف تشبهون نزواتكم ببلد عريض عظيم كبلدي بفتوحات الأندلس، وكيف تقولون أنتم عنه بلد السحر والدعارة، وما هذه الطريقة الهمجية في التعميم، وهل خلت بلادكم منها، وهل سلمت بلد ما من شرها..؟؟
العيب هنا فيكم،  وأنتم  تشوهون صورة الإسلام، يا أبناء البلدان المقدسة، تستغلون فاقة بعض الفئات لتفرغوا شهواتكم المكبوثة، حتى تظل صورتكم مجملة في بلدكم الأصل..والسحر والسحرة في كل مكان منذ العصور الأولى..

لمن يجهله، بلدي المغرب يا سادتي، منبت الشرفاء، ومنزل الكرماء، بلد رجال الدين وأهل العلم، بلد المقاومين الأشاوس، بلد القائد عقبة ابن نافع وطارق ابن زياد، وابن بطوطة، ..شعبها بشوش مضياف كريم، يعرف كيف يقدر ضيفه ويحترمه، بلد منفتح على كل الحضارات،تمتزج فيه العقائد في تعايش وتسامح كبيرين..بلد حر تحكمه ضوابط ..
أجل، هو المغرب، الذي تحاولون أن تدنسوا سمعته، لكن كرامته أجلُّ من أن تداس..ونساءه أعظم من أن تنالهن ضغينتكم وحقدكم ..

الأفكار بين المغرب والمشرق مغلوطة جداً، والشائعات التي تروج تزيد من اتساع رقعة هذه الهوة الفارغة..
فليس كل من يقصد المغرب وجهته السياحة الجنسية كما سميتموها، هناك السياحة النظيفة لمن ابتغاها، يقف فيها الزائر على حقيقة بلدي، ومن بحث عن غيرها فذلك شأنه، ولا ضرورة لمزيد من المغالطات..

18 سبتمبر 2010

احذروا التفاحة :)

4 تعليق


أشتم رائحة ذلك اليوم تقترب..هل سيهل زمان نتخلى فيه عنكما، أيتها الورقة ورفيق دربك القلم..؟!.

ما الذي تخبئينه لنا أيتها التفاحة المتفردة، أقصد يا شركة  آبل، تمردت على عالم التكنولوجيا، وفسحت مجالا رحبا لعشاق التقنيات..
ماذا ينتظرنا بعد دفترك الإلكتروني..أعني الآيباد..يقال إن غذا لناظره قريب..سنترقب إذن..

إلى ذلك الحين..أهديكم هذه الصورة بعدستي، وأنصحكم أن تجمعوا حزمة أوراق بيضاء، وباقة أقلام من كل لون، وتضعوها في مكان آمن، فقد تحتاجونها يوما ما ^_^

قارب التيه

6 تعليق





قاطعته، بنبرة حزينة، لم أقوى بعدها التحكم في شظايا دمعة ترتجف، وسط مقل أضناها الجفاء، لأسرد له آلامي، بصمت، وحده يدرك خفاياه، حين تتعثر لغة اللسان، في عتمة غرفة  بنفسجية لم تنفع شموعها، ولا أضوائها، في كبح جماح ظلامها اللامنتهي، الذي أضحى ضدنا، وفقدنا معه الثقة بالقدر..


بمجرد النظر إليه، تهجم علي الأسئلة، مباغثة، بعناوينها الرئيسية، أحاول جاهدة، فك ألغازها، أتحسس ألغامها القابعة بين ركام الكلمات، قبل الوصول إلى آخر نقطة أسفل الصفحة..


مسكونة بأوجاعي، وأنا أجول بنظرات شاردة، غيرمحددة الوجهة، بين قسماته التي بت أجهلها، تعابير الوحدة اتخذت ثنايا أضلعي خذرها، لتنحث على ما سلم منها عناد الدهر، وتجبره على قلب امرأة، صارت تتطلع للغد بخوف أكبر وأمل أقل..
انهزمت كل المحاولات في إنقاذ عصارة شعور أخمده تشابه الأيام..لأفسح لليقين مجالا، أكتشف فيه بلاهة نفسي، وأنا أكتب مقالتي على جريدة مهملة..

انقضت الكلمات الجميلة، وتغيرت فلسفة الحياة، وترك باب المستحيل مفتوحا في وجه قصة كان يجب أن تعمر..
جدت بكل شيء، رصفت قلبينا على درج السماء، سلكت بهما طريقا آمنت ببريقه حتى النهاية، ليقطع الظلام منتصفه..
علمني، دون  أن يشعر، كيف أتخلى عن أثمن الأشياء، وأخلف ورائي مبادئي، وحلمي، وأضع أمنياتي على قارب التيه، ولا أتوقف عن التجديف، تاركة لعبة الكلمات تتقفى أثري، أتجرد من أسلحتي، وأنقطع عن التفكير، في محاولة لنصرة ما بقي لي من ذاكرتي.

وحدك من أنجبت رجالا

13 تعليق

آه عليكم يا عرب اليوم وبالأمس كنتم رجالا..
آه على جيوش صلاح الدين البواسل الأبطال ..
آه على زمن فيه غزة تشتعل نارا ..
وقودها صهاينة وجيش احتلال ..
علمونا يا أبناء غزة كيف نكون رجالا..
علمونا، فمعنى الرجولة انفجر، أصبح شظايا متناثرة ..
أنتم تقاومون وحدكم والمعابر قفلها محكم
والموت بطيء، والساسة تتفرج على الأشلاء المبعثرة ..
ما هزكم هذا النداء يا عرب اليوم ..
صور الخراب تتشكل، وسيول الدماء تجري ..
وأنهار غزة حمراء، في الليل الأليل تسري وتسري ..
فداءك نحن يا غزة ...شعارات تتردد ...
وقادة سباتها عميق، إن لم يكونوا موتى، ومن يدري؟
ستون عاما والوهم اليهودي ينخر جسد الفلسطيني الحر..
والعربي الذليل، يقول ما باليد حيلة، مغلوب على أمري.
.


لا تصفحوا عنا يا أبطال  غزة ..
لا تصفحوا عنا، فوحدكم تدفعون ثمن العزة ..

لا تسألونا، لا تسمعونا ..
فقط دونوا إخفاقاتنا ..
وسجلوها نقطة سوداء في ذاكرتنا، وتاريخنا ..
اتركونا ولا تسألونا ..
فنحن من وجب فيه حكم الجلد على مرأى العيون ..
أجدادكم، آباؤكم، بنوكم ..
شعب أبي لا يرضى الهوان
فشتان ما بيننا وبينكم يا شعبا لا يخشى المنية ..
يا أهل غزة، يا شعب فلسطين الأبي ..

سلام لكم ما دمتم وما بقيتم ..
وطوبا لصبركم وجلدكم .. فالجنة حتما مثواكم ..
يا شعبا أبى إلا أن يعيش حرا ..
وحتى أشباله صارت أسود الحمى ..
ولم ترضى عيشة الذل والقهر
اصنعوا أمجادكم بأنفسكم يا أهل غزة ..
فنحن قوم نقف على جراحكم وقفة المتفرج ..
على صور الاستئصال والبثر ..
فيا فلسطين اصمدي كما عهدناك ..
ودوني أمجادا وبطولات تحت الحصار ..
والتاريخ شاهد على ما يجري
.





كتبت ذات ديسمبر الحزين من عام 2008 أثناء الحرب الضارية على غزة المقاومة ..

طفل كما الرجال

5 تعليق

لا تعاتبيني امرأتي ..
ففي الهوى طفل أنا ..
كما الرجال
يغضبون، يسأمون
يضجرون، يغارون
هواهم..شرط، قيد
سلاسل، وأغلال ..
لا تلوميني ..فأنت تخترقينني
من عيونهم أخشى عليك
من نظراتهم أحتار
أن تستنشق زهرتي..محال..محال

لا تقيد حريتي
بدعوى الغيرة
فالهوى يا سيدي
أبحر عميقة وجداول
أشجار وارفة، وظلال
أحرف تندس في الأحداق، وأحرف تقال
شعور يخلق ..
شتلة،طموحة، تسكنها الآمال
هو ثورة..أبطالها يحملون على الأكف
وتروي معجزتهم الأجيال
تسقى قصائدهم برذاذ المطر
تبل الثغور..
لتنمو على محيط الشفاه ..
رواية، خرافية
يسكنها الخيال
كقبلة، حلاوتها باقية
عاتية..محرقة..
تلتهم الأوردة
تنخفض فيها المرتفعات، وتخر الجبال

دع لغة الحب، تختار أحرفها
تزيدها، تنقصها، تختزلها
دعها تحترق، كعلبة كبريت
لا يتحكم في أقدارها الرجال
دعها يا سيدي
لأنها لا.. ولن تكون
زهرة رحيقها يغتال .


واحة الذكريات

11 تعليق

أخاف بوح الكلمات، حين تطيح بسيادة الصمت، ويهدم الجدار الفاصل بين الواقع واللاواقع، وتتعرى الحقيقة المجردة.. تتخلى عن ثوب العفة، لتكتسي لباس الجرأة، تتجول بحرية وشفافية، بين تلك السطور القصيرة، التلقائية، المنتقية بعفوية، والبعيدة عن التزييف والتنميق..
سطور أحرفها معدودة، وآثارها في القلب بالغة، وكأن الحياة تُضخ في الجسد من ثان لمجرد سماع رنينها.. وبينما أتنقل بين الأحرف، والفواصل، والنقط المتتالية..وأستخدم كل حواسي، كي أخرج من بينها مدركة لما يمكن أن يفهم منها أو ما يختبأ من مغزى ورائها..أجدني أتسائل..عن القدر الغريب الذي جعلني أفسر حتى الإشارات التي قد لا تحمل معنى...
لا أراه إلا جنونا، عاديا أم غير عادي..لست أدري..فقط تبين أنه هنا، ويستقر في كل الأمكنة، والأزمنة، حاضر، وفي كل وقت
، يزرع الأمل في قلوب نضب منها الشعور، وشح فيها الشريان من الدماء، وتوالت عليها سنوات عجاف لا حياة فيها..
إنه امتداد لنور الشمس الدافئة، يهيم في حضن السماء، يقبل صحوها، وغيمها، ليلغي السنونو اخر رحلة ويحط على نافذتي ، أتقاسم وإياه عطرك العالق وسط بلورات ندية ..
وعندما يحل المساء، وبفرشاة الحنين، تتنازل لك النجوم عن عرشها لترسم قسماتك بألوان يرفع إليها ناظري ،وأستحضر أحداقا سكنتها من قبل.
لازلت أحاول ملء المسافات الفارغة بين السطور..عبثا أفعل..وحده حبرك يتحدى بياض الورق..ويكشف بخجل احمرار خذوذ البنفسج.. أحاول..وأحاول..تجريد نفسي من هواها، إيقاف تسرب سيول أخرى تكاد تأتي على ما تبقى من عنفوان امرأة...
أنازل فيه اليقين، بحثا عن مدارات تتسع لما يحدث، تكون بحجم ما يصبو إليه الفؤاد..فتبثر جذور الشك من أصولها..ويبقى هو..مقدسا..تحج إليه قوافل الشعر وتحوطه جيوش الكتابة.

صيف في بلاد الفراعنة

3 تعليق

الساعة تشير إلى الثالثة صباحا، حطت الطائرة في مطار الغردقة الدولي، قادمة من مطار شارل ديغول بباريس... هنا كانت البداية، وأنا لا أعرف عن مصر، غير ما قرأته في كتب التاريخ، وما شاهدته من أفلام على الشاشة..


الفندق من الداخل
في البداية جولة في الفندق، للتعرف على مكان الإقامة، كل شيء يبدو على أفضل ما يرام، هو ضخم جدا، وفخم أيضاً، سبل الراحة متوفرة جميعها، نظافة المكان من الأولويات هنا، وإرضاء السياح واجب..تصميمه جيد جدا، والمسابح الأربعة التي تتوسطه مغرية، عندما أتذكر هذه الأخيرة، أفكر في محمد، شاب ضعيف البنية، يهتم بنظافة المسابح وما حولها، ما أحقر الحياة، الناس تمرح والمياه تسكب، وهو هنا، ينظف وينظف، عمله لا ينتهي، تحت لفحات شمس محرقة، والابتسامة لا تفارقه، يعرف أنه مجبر على ذلك، لكنني أحسست بها صادقة معنا، ربما لنذرة العرب بالفندق، خصوصا مع صغيرتي إيناس، كان يمازحها في الغدو والرواح، وهي تشاكسه بدورها..كانت تمنحه بقشيشا كلما رأته، وتسعد لذلك..وهو خجل، يتردد قبل أن يقبل أخيرا، عكس الآخرين الذين كانوا يطلبونه بأنفسهم، في البداية استغربت، لكن الحاجة كانت أقوى، فما يجنونه من عملهم لا يكفي مصروف يوم لشخص عندنا..




المطبخ المصري غني، لذيذ، ومتنوع، هنا تسنى لي تذوق الأطباق الشهيرة التي لطالما سمعت عنها، وعشرات من الطباخين يستقبلونك عند كل وجبة بابتسامة ويعرضون عليك خدماتهم، وما تحتويه وجباتهم..أشفقت لحالهم، يعملون كالنمل، دون هوادة، ورئيس عابس الوجه، وراء ظهورهم، يوبخ ويزمجر، وكأنه يتصدق عليهم، وازدادت شفقتي عند حديثي مع أحدهم كنت أراه يعمل صبحا وعشية، دون انقطاع، والعرق يتصبب من جبينه، كله مقابل ما يقارب الخمسين أورو شهريا، اندهشت عند سماعي للعدد، الراتب هزيل جدا، ومع ذلك هم راضون..



بنايات من القاهرة
الجو خانق جدا، الرطوبة شديدة، والهواء شبه معدوم، ولأن الوقت محسوب هنا، لا مجال لتضييعه..شروق جديد، ورحلة إلى العاصمة، وكلي شغف لاكتشاف متحفها العجيب، ومقابرها الملكية، تلك المصنفة ضمن عجائب الدنيا السبع..


المتحف المصري للآثار
وجهتنا المتحف المصري، ويال روعة هذا المتحف، طابقين من الاثار الثقيلة والخفيفة، عدد هائل من الاثار المصرية، منذ عصور ما قبل التاريخ، وحتى نهاية عصر الفراعنة، إضافة إلى أثار يونانية ورومانية، وأخص بالذكر قاعة المومياوات التي أخذت مني وقتا طويلا في تفقدها..غاب التكييف عن المتحف، لكن أسراره أنستنا قيظه..


لابأس بسويعة استراحة، وغذاء في باخرة على النيل..المنظر اسر، وكان سيزداد رونقا، لو اعتنت السلطات أكثر بنظافة مياه النيل العظيم، الممتد في ربوع البلاد..


نهر النيل
وجاءت اللحظة التي انتظرتها، وقفت مشدوهة أمام تلك الأهرامات وهي تحكي عظمتها منذ فجر التاريخ، نسيت لحظتها تلك المسافة المتعبة، وأنا في طريقي إليها نهار صيف قائظ..




ولازلت أتأمل تلك اللوحة الفنية الباهرة، أتفحصها بعناية، وكلي اذان صاغية، لشروحات المرشد السياحي، لأبتعد عنه بعدها في هنيهة لاكتشاف الهرم من الداخل..
الحر لا يطاق، ويزيد صعوبته أولئك الباعة المتجولون، الذين يرغمونك على شراء بضاعتهم وإن لم تكن بحاجة إليها، ملحاحون درجة تغطي عليك جمالية المنظر..دون أن أنسى عادة المعاكسات، التي كنت أنقمها على بلدي المغرب، والتي تيقنت أنها لا تساوي شيئا أمام ما شهدته هناك..




لحظات السلام الحقيقية، كانت رفقة أسماك البحر، ودلافينه، وسلحفاته، التي صارت تعرفني، مناطق الغوص خلابة تجعلك تقف مباشرة على عظمة الخالق، وكان هذا أكثر ما أحببته في رحلتي إلى مصر..




ومن البحر الأحمر إلى الصحراء، وكم هي غنية صحرائك يا مصر، تملكني فيها صمت السكون، وخشوع الهدوء، كثبان ورمال وجبال تخطف أبصار كل زائر، حياة دبت في من ثان وأنا أحشر نفسي بين بدوها وجمالها، سعدت كثيرا لأنه قدر لي إمضاء ليلة أحاكي نجومها، ساعات ظل فيها بصري عالقا من فرط روعة المشهد..
لن تتسع صفحاتي لتدوين ما عشته هناك في ظرف وجيز، لكنني أستحضر وإياكم جملة قالها لي أحد الأعزاء قبل سفري-استمتعي جيدا في مصر، ففيها من الأسرار الكثير- ..

مغربيات من ذهب

13 تعليق

المرأة المغربية، ذلك العضو الفاعل على مر التاريخ، لا يمكننا أن نقيم إنجازاتها العظيمة في بضعة أسطر، سيكون تقصيرا في حقها، لكننا مضطرون للاختزال، فبحر إنجازاتها لا ينضب أبدا..


لن نتحدث عن المرأة المغربية، دون ذكرها كمقاومة ومناضلة، ساهمت بشكل فاعل في الحركة الوطنية، والكفاح ضد المستعمر، ومن أبرز الأسماء التي لازالت تدوي، وتحاكي التاريخ بجرأة، يطو ابنة المجاهد موحى اوحمو الزياني، والتي قاومت المستعمر ببسالة حتى الاستشهاد، وهناك فايدة حسن، التي كانت تتخفى وراء اللباس العسكري الإسباني بهدف نقل الأخبار والتجسس على المستعمر، ولا ننسى مليكة الفاسي، المرأة الوحيدة الموقعة على وثيقة المطالبة بالاستقلال سنة ١٩٤٤، والتي رفعت بذلك تحديا كبيرا ضد المستعمر..وغيرهن كثيرات ممن أسهمن بشكل بارز في عملية المقاومة، وقدمن الكثير لجيش التحرير..

ونحن في أحضان التاريخ، نستوقفه عند
فاطمة الفهرية، مؤسسة أول جامعة في تاريخ البشرية، والتي أنشأت جامع القرويين بمدينة فاس، ويعتبر صرحا علميا وتعليميا عظيما، وتظل إلى الان شخصية خالدة في تاريخ فاس والمغرب ككل ..
وإن عدنا إلى عالمنا المعاصر،سنجد شخصيات نسائية دونت اسمها بحبر من ذهب، وأفضل مثال على ذلك،
مريم شديد، أول فلكية عربية تضع قدمها على القطب الجنوبي المتجمد، في مهمة علمية واستكشافية، وهناك أسماء المهدي، العضو الفعال في مختبر جامعة الأخوين للتكنولوجيا الرقمية في خدمة التنمية، أول باحثة مغربية عربية، تشارك في مؤتمرات عالمية للإدارة الإلكترونية، والتي جالت عدة عواصم لاستعراض التجربة المغربية في مجال التكنولوجيا الرقمية..

تاريخ المغرب النسائي حافل بالإنجازات العظيمة، وحاضره يسير على نهجه، لما نلحظه من مساهمة للمرأة في جميع الحقول، السياسية والدينية والاجتماعية وغيرها..
وهكذا ستظل صورة المرأة المغربية لصيقة بالإبداع، وإن تطاولت عليها أقلام بعض الحاقدين، في محاولة لطمس وجهها الحضاري المشرف.


وصلتها منه رسالة

تعليق واحد


في حوار مع طيفها..
وبينهما  كيلومترات..
وشاشة زجاجية..

بالله عليك سيدتي الغالية..
أنصتي ولا تقاطعيني..

انفثي عنك غبار عصر البدائية
فقد تعبت منك..
ولم تعد تليق بي أسمال عشقك البالية 
لم تعد تعنيني دلائلك المنطيقة
ولا تؤثر بي حججك الواهية
والله مل حالي من حالي
ومن تدويناتك الرومانسية
كوني مثلي..
مغامرة..كوني ثورية
كوني اكثر تحضرا واكثر جاذبية
أنا لم تعد تغنيني حروفك الأبجدية
لا تحدثيني عن المحضور والمسموح
فقد ولى عصر الجاهلية
احبيني بطريقة اكثر جرأة 
احبيني بطريقة عصرية
أريدك هنا لا هناك..دون أعذار
ودون قيود قانونية
فانا احبك
والله أحبك 
ويؤرقني عنادك
ونزعتك الطفولية
ألا كوني امرأة
على مستوى انفعالاتي
وجنوني
وقراراتي
كوني متحدية
فالحب لا يرضى بأنصاف النساء
ولا بالمرأة الغبية
متى تأتين إلي؟؟؟
وتندسين في أحداقي اللؤلؤية
تغمرينني عشقا
وتسقين ورود المزهرية
متى تداعب أناملي خصلات شعرك
ويغطي سواده ليلتي القمرية
كل جزء مني ينتظرك
ومتعطش لقبلة خرافية
لرعشة حنان..
لضمة عشق همجية
أشعر بك فيها،على غرار باقي النساء
أيا امرأة،أتوق لحضنها
وللارتواء من رحيق شفتيها

ألا إني أنتظرك
وبعد رسالتي هذه
لن أقبل أعذارا واهية
فإما تأتينني طوعا
وإما اتركيني وقلبي.. أعوده على غيرك
فالنساء من حولي مكتظات
أسلحتي فيهن  نفاثة..
وعروضي لهن كثيرا مغرية

بعض ما قيل عني

3 تعليق

قالوا..

كيف تكتبين عن العشق..
أنت امرأة شرقية..
تسكنها ثقافة عربية..

امتنعي عن التجوال..
على محيط الحب
كفي عن رسم الرجل
وإيداعه متحف جنونك..
كلوحة فنية..

يا امرأة..
أنت عربية لا إسبانية
ألا كفي..
ألا كفي..
عن هذا التمدن..والتحضر..
فأنت تثيرين بذلك قضية..

قلت يا سادتي..
أنا امرأة شرقية شرقية
أصولها عربية عربية
وهل يؤمن كلام الحب بفكرة العنصرية..؟؟
هل يعترف بالعنجهية القبلية..؟؟

لا..وكلا..
حديث الحب ليس هواية شرقية
ولا غربية..
لا..وكلا..
أنا لا أستطيع العيش دون حرية..

إن أحببت نثرت كلماتي..
كزهرة أوركيد وردية
تحفها حقول توليب هولندية
وتقبل وريقاتها..
فجرا..
قطرات ماء..
ندية..

أعشق رؤية الوجد..
يتلألأ في أحداق خجولة..
نسائية..
كي تستعيد السماء
والأرض..
والطبيعة..
صبغتها الأصلية..

فأنا لا أحب أشجار أيلول..
لا أحبها حين تكون عارية..

قالوا أنت ممنوعة من السفر
ممنوعة من الاقتراب
من ضفة الرجل 
ولو ما بين السطر والسطر
فنحن قوم لا نعترف بحس المرأة
نفسر تمردها كما نشتهي 
ونمنعها كليا من الترحال

لا يا سادتي..
لن تكبلوا حريتي
لن تطيحوا بعرش كلماتي
ستعلو همساتي
ويتردد صدى أصواتي البنفسجية
لأرسم بلوني الذهبي  لوحة حياتي 

حب دقيقتين

تعليقان


أردتك أن تخلع كل شيء وترتدي حرفين
أن تعيش قصة قلبينا أكثر من دقيقتين
أن تختزل العمر في كلمتين
فقد سئم الرحيل مني
 تعِبتْ من حملي لها أغراضي
تعبتُ من السفر فيك..ومن جهادي
تعبت من تطلعي لسماء وشمس مبتسمتين
تعبت من حلمي لمحيا وقلب في ان ضحوكين
أعرف أنه ولى زمان المعجزات
وأنها لن تعود أبدا السنين الذاهبات
وأن النار أضرمت في أشجار النخيل
واحترقت الغابات
حلت أعوام الضياع
ومواسم الاستياء
وتزامن فصلي الخريف والشتاء
حل الليل الأليل..
وليالي الحزن الطويل
غاب الزمن الأليف
في حضرة زمن البكاء والعويل..
زمن تناقضات السماء..
بغيومها..وصحوها
ببروقها وشعاع شمسها
بحزن نجومها..ورقص كواكبها
نعم ولى زمان اخضوضرت فيه أرضي
من أحداق سقتها كالغدير..
ونثرت فيها روحا وريحانا وعبير..
عيون غرقت فيها 
وظننت لوهلة أنه أجمل مصير..
جمعت فيك حزمة كلمات
تعابير..أحرف..ومعان..
صففتها على شرفات العشاق ليلا
قبل أن تأتي ..وعلى مرآى مني
وتحرق كل الصفحات..
محوتَ لوحة الحب التي رسمتها
فوق جدار القمر..
جئت لتجلس  فوق كرسي القدر
وتغتال طوق الياسمين والزهر..
على شاطئي تدوس صدفات البحر
ليموت شعورنا على منصة مسرح 
بعدما جاء منك الأمر..
لماذا..
لماذا فجرت مكنونك بعصبية؟
لماذا لم تحدثني بروية؟
لماذا لم تفضي لي بشكوكك العاطفية؟
لماذا سيدي جعلت من لاشيء قضية ما بعدها قضية؟
لماذا تركت أسطر الرسائل بصمتك باكية؟
أعرفك أكثر تحضرا وفكرك أكثر منطقية..
لماذا؟أأخطأت في عزفك سمفونية أبدية؟
أتسائل فقط ولكني لن أثور
لا أنتظر منك جوابا
ولن أندم يوما على ذلك الشعور
أو أخرج من دائرتي البلورية
المرصعة بخطوط من نور
لا ولن أثور..
سأحلق بعيدا فقط..
تؤنسني فراشة لطيفة
..نورس 
..أو ربما عصفور..


لن تتكرر يوما

تعليقان

لبسته ثوبا جميلا..كان لائقا بقوامها..كانت صدفته التي لم يتوقعها، ابتسامته التي لطالما أهملها، نجمه الذي سيودع سماءه بعد رحيلها، رقيقة الحس كانت، هادئة الملامح، ناعمة الملمس، يتموج صوتها مارا بمسامعه أثناء سكون اللحظة..

إلى أن توقف الزمن، في ذلك الوقت، بين عمرين، ليهيأ المكان لذاكرة ستعمر بعد ذلك أبد السنين..

ما أجملك، أيتها الحرائق، التي أثلجت صدريهما..ترتعش كقبلة باريسية تبحث عن مكانها بين الفصول الأربعة الباردة..تاركة أنفاسها تتلظى بين يديه..

كانت وطنه الذي يؤرقه، تفاصيل حياته التي لا يفقهها، ذكرياته التي غطاها الغبار، بوصلته التي لا تعرف اتجاها، سوى إلى قلبها..

أتراهما يحسان بقداسة ذلك الشعور؟؟..

أتساءل الليلة..أيمكن اليوم..وبعد كل ما كان..أن يموت كل ذلك..؟..أيمكن أن تتبخر هذه القصة لتصير جسرا تعبره الذاكرة على مرأى منهما..
استوقفتني تفاصيل حبهما..وكأنني مسؤولة عن ديمومته، من فرط التصاقي بها..تلك المرأة الخرافية..ومعايشتي لأحلامها، لآمالها، لآلامها..أتأملها، وهي تثور، ولا أحد يفهم جنونها، غيري، مذ وطئت قدماي أرضها الطيبة..

لو كان بمقدوري..لشطبت هذا الفصل البائس من حياتهما..

امرأة اللهفة الكبرى كانت..أنفاسها تعيد للحياة بسمتها، حضورها يضاعف من رونقها، كالطفل هي..بريئة بالفطرة..ما بين جنبيها يسكن قلب ناصع البياض، شديد النقاء..في وجنتيها تنعكس حقول الأقحوان، في عينيها تتوحد الأوطان، تثمر أشجار التوت، وترفع رايات الاستسلام..

تركها ترحل، مودعا إياها داخل حدود النسيان، لتعلن بعدها الشفاه الوردية العصيان..لم يعد للشوق اسم ولا عنوان، لا صبابة تسكن القلب، ولا جوى يتغلغل في الوجدان..
امرأة من التاريخ كانت..كقدر جميل، لن يتكرر مرة ثانية، ما لم تكف الأرض عن الدوران..


عندما يصمت الرجال

تعليق واحد

ها هو يغادر..بصمت..ودون أدنى تفسير..يقرر الرحيل..في عتمة الليل..ليترك وراءه سيلا جارفا من الأسئلة..تغرقني في دوامة من الحيرة، تائهة في رحلة البحث عن جواب شاف ، أقنع به نفسي، وربما لأبرر به رحيله، حتى لا تُخدش في غيابه ذكراه الجميلة..

أحببته بصدق، دون وجه حق، دون أن أنتبه لاستحالة حبه، لأضرب عرض الحائط الأعراف، والتقاليد ، والعادات..
أحببته دونا عن سواه، وأخلصت لحبه، في عالمنا الافتراضي، الذي صنعناه..أنا..وهو..معا..

وها أنذا، أشهد مروري برباعية الحب الشهيرة ، التي رسمتها (أحلام مستغانمي) في إحدى رواياتها..فصل اللقاء والدهشة..فصل الغيرة واللهفة..فصل لوعة الفراق..وفصل روعة النسيان..هذا الأخير الذي لم أنعم به بعد..لكن سأفعل..

رحل دون شروح، ودون إيضاحات، رحل من نصبته سيد الرجال، ورصعت ديباجه بلآلئ من الأحاسيس..
وغيابه، أحاول تبريره، أختلق له أعذارا ، قد تبدو واهية..ولكنني أحاول تصديقها، أدافع فيها عنه، لتبقى ذكراه صامدة..

لماذا يا ترى خنق اللهفة؟ لماذا عجل بنهاية ذلك الشعور الجميل، الذي ما فتأ يولد، وجد نفسه صريعا يقاوم حمى الحب، ويريد أن يخرج منها سالما أو منتصرا..
لماذا رحلت دون إنذار؟..ألتزيد من اتساع تلك الهوة الفارغة بداخلي..أم لتزيد لون الصمت قتامة..؟؟

لم أفلح سيدي في تفسير صمتك ، ولم أستطع تفسير الرسالة المشفرة التي أردت إيصالها..
لن ألح عليك، حتى لا أفسح مجالا لتأويلات قد تكون صحيحة..أو خاطئة، أفسر بها الصمت الذي قابلته رسائلي..

لن ألومك، ولن أبحث بعد عن مذنب، سيكون هذا آخر ما أكتبه لك ، وسأرحل بعدها، فأنا لا أريد لصورتك الزجاجية الجميلة أن تنكسر..
سأحتفظ بها..وبالأحاسيس التي ولدت يوما معك..

وإن مالت الشمس الان نحو الغروب..وحجبت عن الأفق شعاعها..ستشرق غدا..لتهب الضياء ،نضرة الأرض ستعود، وستستعيد السماء زرقتها...


17 سبتمبر 2010

سمفونية عشق

8 تعليق

ما يحدث معك لا علاقة له بالعقل..هو خروج عن قانون الحياة..
إنه بركان يجرف من حولي عمر ذاكرتي، وتاريخي، يلتهم في لحظة هيجانه بقايا ماضيّ، وتتأجج نيرانه، لتحرق مساحات شاسعة من حاضري...
وها أنذا...
لازلت أمتلأ بك حد الثمالة، يستهويني الاشتعال وسط شظاياك..لأصير مادة قابلة للانصهار، تذيبها حرارة لهيبك..
هاهو طيفك..يطوقني، يحاصرني من كل الزوايا، وبقدرته الخارقة، يعيدني إلى العصور الأولى، يوم كان العشق موتا لا ولادة، عصر ذلك الزمن الجميل ، الذي تلتهب فيه المشاعر عن بعد..لا تفصح عنها غير الكلمات، ولا يفضحها غير الشعر والأبيات..
هاهي صورتك، أستحضرها، أتطلع إليها، تستوقفني عيناك، لأحتضر ببطئ، وأنا أرسم ابتسامتك، بخطوط عريضة على حائط مخيلتي...
وهذا الغموض، وتلك الرعشة، التي تعتري حواسي، حين تهل أنت..في كل الأوقات، لأسير معك، مغمضة العينين، أبحث عن عالم لا يسع غيرنا..نحن معا..
كيف يمكن لمصادفة، افتعلتها الحياة، أن تغير مجرى مياهي، ليتدفق منها سيل من الحنين، غزير، يشبه حجم اللهفة، لعناق مصير..لم أكن أتوقعه..
أبيت قبلا أن أتقاسم هوائي مع الاخرين، وها أنت كالقدر المحتم، تستنزف اخر ذرة هواء بقيت لي..تستنفذها..لتعجل بموتي، اختناقا بين يديك..
أشعر بأنفاسك تستفزني، لأرسم لوحة من كلمات، أتعامل معها برقة، وإحساس لا يتذوقه غيرك..وأضع عليها بصمتي، لتستقبلها بحب،حواسك..
أتلذذ بحملك في داخلي، كحب لم يسنه دستور، ولن يعترف به قانون، كحب أسرق منه ليال من السعادة، وأعلنه كلما شعرت برغبة في الحديث عنك..أكثر فأكثر..
فهل سيتحدى هذا الحب..هل سيتمرد..لئلا يموت قتيلا بين السطور..؟؟


الرحلة الأجمل

تعليق واحد

بعد همسات ذلك المساء...نويت الرحيل..
سأسافر، على مثن قطار الجنون، حاملة في حقيبة يدي قارورة عطرك المفضل، سأغير لون صمتي، لأنضم إلى حزب الشعراء، وأبياتهم الخيالية..وإلى شقوق الأرض، وأقاصيها، سأرحل، لأصنع حبا من نوبة جنون، لأعشقك بعواطفي المتناقضة، دون أن أقف على نقطة استفهام، أو أتخذ قرارات، تتحدث بلغة المنطق..

سأركض،مع تيار الأيام، وفكرة مجنونة تعبرني، كي أستقر في مغاور الأرض،حيث تنعدم الأنام، لأجسم لنفسي صورة مصغرة عنك، ومرتبطة بوجودك، وأدعك تتسرب كالأفيون، في خلايا جسدي..
حريتي سيدي، أن أسافر فيك، أن أعد لك غرفة في قلبي، تؤثتها أحلامي، تسكن إليها، متى أخذ الأين منك نصيبا..
 أن أسافر فيك، إلى جزر البنفسج، وأتكلل بطوق الياسمين، أن أتحدى، وأتهور، أن أمحو فيك،عمر السنين..
على ضفافك أغدو، في دروب عينيك أتجول، وأقيس هواك بحجم الحنين..
يا رجلا، بدد بداخلي كل الأصوات، وبعثر صدى الأنين..يا رجلا تزودت فيه بأحلى العبارات، كتبت له أجمل المفردات، اختزنته بين دفاتري، ودونته في جميع المذكرات..استوطنت فيه الورق، وأبحرت إلى ما وراء المحيطات..
زهرة أنت، ولدت، طوقت الكون بعبق فريد، حولت الخريف ربيعا، وأعلنت في الروض عن يوم عيد..وكيف لا..وفيك تتوارى لغة اللسان، تستسلم الرعود القاصفة لك، تستتر البروق اللامعة أمام ضحكتك، وترتشف الحياة في كؤوس معطرة بأنفاس الربيع..
في رحلتي إليك، نسيت العناء والوعثاء، نار الحزن المتطربة انطفأت، وبرز على سقف الحياة، نور حجب عن الفضاء، طبقة تلك السحب القاتمة الدكناء..
اكتفيت في رحلتي هذه، بقطرة غيث تبل ثرى أيامي، تزهر ربوة عمري، تلامس روح بنفسجة أريجة، لتهب لي عطرها، وتغازل حواسي، على شرفة أحلامي ..

بقايا الأحلام

تعليق واحد

وداعا...
كانت آخر كلمة تمتمت بها شفاهي..وقفت دونما أدنى حراك، أترقب جمالية الهنيهات الأخيرة ، المخلوطة بقطرات حارة، وكأنني أحاول فك لغم الحب ذاك، في مواجهة لتلك اللقطة الفاتنة من كل زواياها وأبعادها..قاسية كلحظة مصادفة لن تتكرر يوما..
كان هناك..يحدث من حولي اضطرابا كونيا لم تستوعبه أنذاك مفردات ذاكرتي..
تربصت بي كل أحزاب الشجن، حجبتني كثل من الغيوم اللامتناهية، علمت حينها أنني ألبس ثوب نهايتي، ولن أخلعه إلا برجة أعنف من لحظة الوداع تلك..
غادرته عن حب..لا أدري إن كنت سأستعيده يوما..ذلك الشخص الذي لم يحدث أن صادفت قبله أحدا بتلك المواصفات، رجل بينه وبين الواقع مسافة عمر طويل، صفحة من كتاب يسكنه الغموض، في مدينة لا تعترف سوى بالخيال..
كيف تأخر بي القدر، لأصل إلى تلك المدينة، دون موعد، ولا حقائب سفر، وأؤمن في طريقي إليه بالمنطق المعاكس للحب، وكأنني معه..أريد أن أستنزف كل لحظة حياة مخافة أن تسرق مني على حين غرة..
هو شعور بمتعة مباغتة، تستفز حواسي، وتضاعف شهيتي لعناق الحياة..
سكنني هاجسه..مدة طويلة، قطعت خلالها مسافات هائلة، لأكتشف مساحات شاسعة، من نفسي..كنت أجهلها..تساوت فيها خيباتي، مع انتصاراتي..وصنعت منها، ذاكرتي، التي تخصني وحدي..
منذ ذلك الحين، بقي هاجسي هو، مع أنه رحل منذ زمن بعيد..ووجدتني أمام اعترافات طفولية، وقضية لا يفقه مغزاها سوانا..أنا..وهو..
إلى الآن..أتأمل صمته، أحاول الإجابة عن سيل الأسئلة التي خلفها وراءه، وأنفض غبار النسيان كل حين، حتى يتجدد بداخلي عمر صمته..صمت رجل، لا اسم له، ولا مكان له، وذكريات عالقة بين عالمين..كقصتي هاته، التي لم تكتمل..وتأبى إلا أن تنتظره، لنكمل سرد الرواية معا..


إلى امرأة تحترف الصمت

تعليق واحد

هاهي ذي..أمامي..أحاول تجريدها من صمتها، من بقايا ذاكرتها، أحاول استنطاقها، دون جدوى، وتحاول هي، التهرب مني ..

وكأنني أريد فيها، أن أضرم النار في أسئلة عقيمة، عاقر، لن تنجب جوابا، ولن تشفي غليلي بأدنى رد..
...
ثمة لحظات،أسعى فيها، لمجاراة حواسي، كي أنفذ بما تبقى من عبق الحرف، عبر الأنفاق السرية للكلمة..فمعها، عباراتي لن تجتاز محور الظلام..
...
أراهن فيها على المستحيل، وتراهن هي، على صمتها، لا أراها إلا أعتى نائب لم يعرفه حزب الصمت قبلها..
تجملها الكلمات، وربما هي من تتجمل بها، تلبسها حسب مزاجها، وتخلعها، خلعها لمعطفها..
...
أيا امرأة، حرائقها كثل من الجليد، وأيام من الصقيع، باردة برودة ذاكرتها، وتناقضاتها،وأفعالها ..

أيا امرأة، أحبيني أو اتركيني..انزعي شوكتك التي تخز عمري الهارب، اقطعي خيوط الحواجز والمسافات، فقد سئمت الانتظار....

 لا تستدرجيني إلى ذلك الموت البطيء، وشهوة الوقوع في تلك الهوة الفارغة، وأنا في طريق سقوطي إليك، أتلذذ سرا بمتعة ذلك الانكسار..على جسر ذاكرتك ..

لا أدري كيف أوصلتني إلى هذا الكم الهائل من الحزن، أتألم كعصفور منكسر، بعدما كنت نسرا كاسرا..
كيف حولتني إلى وطن مسكون بأوجاعه، لا يعرف للفرح طريقا، ولا لشمس الدجى انقشاعا وبريقا ..

أيا امرأة، كنت سخيا معها، في حبي لها، وانبهاري بها، في خوفي عليها، وحزني على شيء آلمها، في جنوني
بها...لم أعلم حينها أنني أصعد شفعة جبل الأشجان، وأتسلق جسور الموت..كي أعجل بنهايتي..

تتكهرب حواسي، تحت صاعقة المفاجأة، عندما تتخلى هي عن عرش صمتها...تتمتم...لكنها...تعلقني بين تلك النقط الثلاث...المتتالية...لتترك المسافة بين كل نقطة ونقطة..لعمر من التيه والضياع..


إليك أهدي ولعي

تعليقان

كيف لا أعشقها وهي قلب الحياة..
أمضي برفقتها ليالي حالمة..تستهويني رائحة الأحرف وهي تنبع منها كماء زلال يتغلغل وسط أحشاء مخيلتي..
تكون هي...في الموعد...دائما...حين تتجمد أفكارالبشر، تحت وطأة البرد الشديد، أو حين تنصهر نهار صيف قائظ..
أعشقها، حين تثور، كبركان غامض، لا يأبه لحظة انفجاره بما يمكن أن يخلفه من حرائق..
أعشقها..وعشقها لذة لا عادة..مثولي بين يديها، وكأنه ضرب على الأوثار الذهبية، لحظات يترنم فيها قلبي ليلامس قلب السماء...
أبحر فيها، كسفينة تمخر عباب المحيطات، تحمل معها أحلامي، أتنفس فيها بعمق، لأجد سلامتي، وحريتي، دون أن أنظر إلى الضباب الذي تركته ورائي..
معك أنت..تتحول العتمة فجرا، ويتصاعد النور لتستنير به دروب عقلي، وتفيض حواسي برغبة جامحة لإلتهام المزيد..
أشعر بالطمأنينة بين يديِك، وأنا أتمعن في حجب الصمت، التي تخيم علي كي لا أفسد لحظة العشق تلك...
تكونين هنا، حين تحاصرني جيوش الكآبة، من كل صوب وحذب..ويحيط الترح بحصوني،
ويستحود على قلاعي...
أعشقها..نعم..أعشق كل تلك الكتب، التي تحتويها مكتبتي، وأحتويها أنا بعنايتي، أقدرها
تقديري لحريتي، وأجعلها ميدانا ترتع فيه عاطفتي، وتشن فيها حرب عوان على من يطارد أفكاري ويقلق في ليلي..مسيرتي.. 


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More