14 مارس 2012

صراع على هامش الحياة ..

19 تعليق


عقلي يطن بالهواجس، في مساء سواده يشي بقلق فجائي، تنشط خلايا الذاكرة، يبتسم لها القلب بوهن، طمعا في إزاحة ثقل الأيام الجاثمة عليه..

يطبق السكون من حولي، فتبدده ذاكرة المدن، تأتيني رائحتها من بين طيات السحاب، فأرحل بخيالي إلى موضع بعيد جداً، إلى حيث يستبد بي الحنين، ولا زاوية تسعني في ظل الكون الفسيح..

نظرتي تعكس شعورا ما، كامنا في قرارة نفسي، لم أتبينه بعد..
تتقاذفني أسئلة كثيرة، ولاشيء سوى أفكار بالغة الشحوب، وهمهمات يلقي بها داخلي، تطوحني خارج الزمان، محمولة على أجنحة الملائكة أو ربما في موكب تقوده الشياطين..

في لحظة هاربة، أشياء كثيرة تصحو فيَّ فجأة، كصورته التي لم تشخ أبدا، كقصيدة مبعثرة تركتها على حيطان مدينة شمالية، كحرقة وداع أخير في مطار مدينة قائظة..

وأنا أجوب الفراغ، اشتهيت الكثير، أشيائي الخفية، أوراقي، مذكراتي، اشتهيت كل شيء، رائحة الخزامى وعطر الشجر، لون الفراشات وحقول السنابل، الدراجة الهوائية وحتى الموج الهائج في عاصمة صاخبة..

عثرات لا دواء لها، إلا الكتابة..لكن..لماذا تحمل دوما بين طياتها انتكاسات لا وجود لها إلا في العقل الباطن؟ ولماذا يميل القلم إلى الخيبة ويغلق نافذة الحلم مع أن الأفق واسع؟ كيف نفقد شهوة العيش وماذا يعني أن نستحضر عنوة ذاكرة انمحت وخرمتها دودة الأيام..إنها محاولات عابثة، كمن يبحث عن نوتة موسيقية في آلة خربة..

أصداء تمر على حواف أذني، تزيدها ثقلا، يفلت الزمن من يدي، خاطري متقد وساعتي متسارعة الخطى، لا تكف عن الدوران، أودها لو تتثاقل، لا لرغبة في العيش أكثر ولكن لاستبطاء الوقت عند ممر الذاكرة وهي تنسلخ عن الواقع..

نهرب دوما من الحاضر..أصرخ بلا صدى..لماذا نفعل؟..ألأن الماضي كان أقل مرارة، أم لأنه مضى وانتهى واحتويناه من أعلى، استثنينا عنصر المفاجآت فصار مجرد سيناريو تشتعل أحرفه في العمق بشوق لإعادة إحياء التفاصيل؟..

سنوات تمضي، وأخرى تأتي، متشابهة، تحمل  أشواقنا، تبدو غريبة، ثم نتعود عليها، كما نتعود على الأمكنة والريح والأشجار والغياب..
تصنع الصدفة قدرا، وأسئلة لا تنام، فتغيب الخيارات، ونلحق بالركب على سفينة الحيرة، نركب عباب البحر مرغمين، وتسوقنا الريح خارج الوقت..

يسكنني جنون الكتب، مولعة برائحة مكتبتي، وحدها تملأ خوائي، لاشيء في هذا العالم غيرها يمت بصلة لقوم أعرفهم ويجهلونني، أسافر إلى أرضي الأولى، أملأ صدري ونظري بألوانها، بالدفء المشع الذي يصعد منها، بسرها الذي لا أدركه، أُشبع جوعي، أدخلها وأخرج كاملة، معي النسائم المالحة التي يجود بها البحر، والأشعة الصباحية التي تخترق عذرية الستائر، أشجار الزيتون والبرتقال، رائحة المسك، وزهر الياسمين الذي تحمله عربات الليل، حتى الأدوات الصدئة التي كانت تستريح فوق العشب المبلل..كلها معي..

في لحظات الخلوة وساعات الضجر، أبحث عن أي شيء يعطي معنى لمنفاي، لحلمي الهش، يأتيني صوت أرضي متسربا من بين أشجار الصنوبر العاليات، مخترقا الصخور والوديان، وقلقي الذي أتملص منه في لحظات الغفلة، أهرب من أشواقي المنكسرة وهسهسة الماء في عشية ربيعية..

لا..لا..لست نسمة هاربة معلقة بين السماء والأرض، الأمل..هذا الشعور أجمل ما فيَّ، لن يُسرق مني، لن تهزه نداءات الاستغاثة التي تملؤني، هناك خيارات أخرى أقوى من قرار الصمت وحفنة ماء وضعها الله في عمق الحرائق لعباده العابرين..

لم أكن أهذي، لم يكن هناك أصلا داع للهذيان، ربما كانت خطوطا تشابكت في لحظة خاطفة، أو مقطعا من كتاب احتفظت ببعضه ذاكرتي فصغته لاشعوريا بطريقة مبهمة..أراه نشيدا حزينا يئن تحت وطأة النفس القاسية..وربما يكون شيئا آخر..


لست أدري..

19 تعليق

ibnalsor يقول...

هذه البنت رائعة
انها تمتلك الكلمة وتديرها بفن
اقرأوا بم بدأت موضوعها .. تقول :

عقلي يطن بالهواجس

وهي استعارة .. حيث استعارت الطنين لتظهر صورة الهواجس
لكن ماذا يقابلها .. تقول الكاتبة :

فأرحل بخيالي

اذن هنا رحلة خيال .. جاءت عبر ماذا .. الجواب جائت
عبر الهواجس .. والهواجس بم استعارت لها الكاتبة .. الجواب استعارت لها الطنين .. اذن نفهم ان الرحلة هي رحلة ضجيج
وهي تؤكد على ضجيج هذه الرحلة عندما قالت :

تتقاذفني أسئلة كثيرة

الى قولها :

وانا اجوب الفراغ

اذن هي رحلة ضجيج عبر هواجس طنانة فنصور بذلك
ان الرحلة في بحر الفكر .. حيث تتقاذفها ماذا
الجواب تتقاذفها اسئلة كثيرة والتي هي تشبه الامواج فهي اذن استعارت مرتان .. ولان عقلها يطن بالهواجس
فماذا يحصل .. الحواب نجده هنا .. تقول الكاتبة :

سنوات تمضي، وأخرى تأتي، متشابهة، تحمل أشواقنا، تبدو غريبة، ثم نتعود عليها، كما نتعود على الأمكنة والريح والأشجار والغياب .. تصنع الصدفة قدرا، وأسئلة لا تنام، فتغيب الخيارات، ونلحق بالركب على سفينة الحيرة، نركب عباب البحر مرغمين، وتسوقنا الريح خارج الوقت..

اذن ..هنا هي تشرح هذه الهواجس وهي كالتالي :

هاجس السنين
هاجس الاشواق
هاجس الامكنة والغياب

ثم ... يأتي الوضوح اكثر وبسرعة .. فتقول الكاتبة :

وأسئلة لا تنام، فتغيب الخيارات، ونلحق بالركب على سفينة الحيرة

انظروا ابداعات هذه البنت كيف ربطت واجادت واوضحت
هنا .. اشارت للرحلة على انها تشبه السفينة والتي ذكرناها لكم .. انها شبهت هواجسها بأمواج البحر .. ثم اسئلة لا تنام وهي الاسئلة الحيرى التي اشارت لها الكاتبة

هذه البنت تستحق المتابعة
فهي مبدعة .. وصانعة حرف
سعدت جدا بالتعرف على حرفها

rainbow يقول...

أراك يا أمال وقد أتجهت كتابتك الى منحنى آخر .. وهنا أراك تخاطبين نفسك وتبحثين عن شيء ما .. وقد أعجبنى هذا الحوار كثير
ولو إننى أؤمن بأن تلك الحوارات لا تأتى إللا بعد تفكير عميق أو توقف عند فاصل معين من حياتنا ..
أتمنى أن تجدين جواباً لما تبحثين عنه ...
وحتى ذلك الوقت أتركك فى أمان الله ..

تحياتى لكِ و لإبداعك

مدونة بدر حلحول يقول...

جميل أن نبدأ رحلة البحث عن اجابات محددة لتساؤلاتنا
ورحلتك اختي ربما ستكون شاقة لكنها ممتعة
اتمنى لك رحلة موفقة بدان الله

باسم يقول...

يشعر التأمل بقلة حيلته أمام بعض الحروف المنثورة كحروفك، تأمّلت فلم أجد كثير إجابات، وتقاذفتني معك الأسئلة، لعلّني -لفرطي حبي لها- أجد جوابا عن سيارتي من كبر حجمها زجاجها الأمامي أمام مراياها الجانبية، الغد أولى من أمس. أو لعلني سأستمتع للحظات بكلماتك وأنتظر الجواب منك، فهي كالإجازة مرحّبٌ بها، ومؤقتة، ومبهجة. :)
سلمت يمناك ويسراك

مصطفى سيف الدين يقول...

الصمت في حضرة الجمال جمال
يكفي ما اعتراني من احساس و انا التهم حروفك بناظري بينما هي تسكن في جزء ما بداخلي و تعتريني تماما مثل جنون كتبتك الذي يسكنك
مزيج من الخواطر تقدمينه لنا في كأس واحدة فنثمل و ننتشي
دمتِ مبدعة رائعة نتعلم منكِ
اشكرك استاذتي

ابتسام يقول...

كلمات تحمل آلام انين وحنين صديقتي الغالية هكذا هي الحياة دمعة وابتسامة ليل ونها ر تتقلب في الراس افكار وافكار صورلاشباح في الماضي تحمل تذكار فحياة الانسان شوق ووصال، كالزهرة تضم أوراقها وتنام معانقة شوقها، و عندما يأتي الصباح تفتح شفتيها لقبلا ت الشمس. دمت متالقة كعادتك

حنين محمد يقول...

صباح الغاردينيا آمال
ولازالت رحلة الذاكرة تفاجأنا بين الحين والحين
وتعود بنا مع رياح الحنين إلى كل ماكان وغاب
ولازال طنين صوته وذكراه "
؛؛
؛
آمالي
أنا لا أقرأ حرفك بل اتلذذ به
دمتِ بذات الألق
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
reemaas

نور يقول...

لست أدري يا آمال لمَ أصبحت أحيا مع كلماتك حرفاً بحرف ..!؟
ربما أجدها صادقة ومن قلب لتقع في القلوب
او ربما تحاكي هواجسي وتأملاتي ...

أشكركِ جداً

رشيد أمديون يقول...

بعد قراءتي المتأنية في هذا النص وجدت أمال كما العادة تقف بين المفترق بين الحاضر والماضي، بين الواقع والاستغراق في التفكير في الذكرى.
تخلل النص بعض الأسئلة وهي هاجس كل العقول التي لها وصل بالماضي وتريد أن تحيا الواقع بدون انتزاع بصمة الذكرى من حياتها، جاء السؤال:
نهرب دوما من الحاضر..أصرخ بلا صدى..لماذا نفعل؟..ألأن الماضي كان أقل مرارة، أم لأنه مضى وانتهى واحتويناه من أعلى، استثنينا عنصر المفاجآت فصار مجرد سيناريو تشتعل أحرفه في العمق بشوق لإعادة إحياء التفاصيل؟..

سواء كان للسؤال جواب أم لم يجود أم أختلف في التأويل، فإن عجلات السنوات تمضي وتأتي اخرى.. وهذا ما ردت به أمال هنا:
سنوات تمضي، وأخرى تأتي، متشابهة، تحمل أشواقنا، تبدو غريبة، ثم نتعود عليها، كما نتعود على الأمكنة والريح والأشجار والغياب..

فتغيب الخيارات، ونلحق بالركب على سفينة الحيرة، نركب عباب البحر مرغمين، وتسوقنا الريح خارج الوقت..

في ضجة هذه الأفكار المتلاطمة الأمواج كبحر هائج. وجدت أمال مركبها الجميل الذي به تسافر وتغير الأمكنة الأزمنة، إنها الكتب وولعها بها يذيب الحيرة ويزرع على دربها المعاني، أو كأنها تخوض بحرا فتنال من عطاياه.
" أملأ صدري ونظري بألوانها، بالدفء المشع الذي يصعد منها، بسرها الذي لا أدركه، أُشبع جوعي، أدخلها وأخرج كاملة، معي النسائم المالحة التي يجود بها البحر.. "
تنفي عن نفسها التوهان: "لا..لا..لست نسمة هاربة معلقة بين السماء والأرض" فهي بالأمل تحيا..
لكنها تعود لتأكد أن ما كتبته قد يكون نشيدا حزينا أو شيء أخر، تمخضه الخاطر في زحمة ألاّشعور، وهي بؤرة ينطلق منها ما قد لا نستطيع صياغته نحن بأفهامنا الواعية والقادرة الصياغة والتفنن في العبارات.
الحقيقة أن ما كتبت أمال قد يبدو فيه بعض التناقض ظاهرا لكنه باطنا يعبر عن ارتباط بين الحاضر والماضي كيف يستطيع الإنسان الذي عاش ويعيش ثقافتين وعرفين، أن يمسك بأصله ويسوق عبيره في واقع أخر يحمل خطواته، ويحترم أساليبه، لكن الولاء يبقى للأصل الذي يبحث عنه في كل التفاصيل القديمة، والذكريات القريبة والبعيدة.

أمال الصالحي يقول...

@ابن السور/ شكرا لقراءتك المتأنية والعميقة، وشكرا لكل كلمة لامست هواجسي..لك أطيب التحيات

@قوس قزح/ مرحبا بك صديقي كما دوما وشكرا لحضورك ومتابعتك، لك خالص المودة

@مدونة بدر/ أكيد رحلة البحث عن الذات ليست بالهينة لكنها ضرورية.. شكرا على حضورك

@باسم/ أسعدني مرورك وقراءتك بين أسطري، لك أمنياتي بالتوفيق والسداد

@مصطفى/ رائع هذا الحضور ومبهجة أسطرك وأتمنى لك دوام التوفيق في مسيرتك التدوينية، مودتي

@ابتسام/ لكم يفرح قلبي كلما مررت من هنا، جمال حضورك يزرع في ابتسامة لا تغيب.. محبتي لك يا صديقة العمر

@ريماس/ سيدة الغاردينيا، لك عبق الزهور وأريجها على إطلالتك المشرقة دوما، كل المودة عزيزتي

@نور/ أيتها المشرقة بضوء الأمل، رقة كلماتك تخمرني، دام لك الإبداع ودمت متألقة

@أبو حسام / قراءتك المتأنية أغبطتني ووجدتني أعيدها لأجدني في عمق تحليلك، وكأنها أفكاري بلورتها إلى حروف بصراعها وتناقضاتها .. قراءتك صائبة وعميقة.. فلك من الشكر ألفا.. دمت بود

وظائف خالية يقول...

كل الشكر والامتنان على روعة بوحـك

وروعة مانــثرت .. وجمال طرحك ..

مثال يقول...

حوار داخلي فلسفي عميق، ومونولوج يعج بأسئلة وجودية نطرحها كلما خلونا إلى أنفسنا، لكن لا ند لها جواب..
مودتي

غير معرف يقول...

عزيرتي آمال جمال حرفك يعلن عن جمال وروعه إحساسك كنتي تكتبين وخلف وحروفك كأن ذلك الحس التصويري الجميل اللذي يجبرنا على المواصلة في ما نثرة قلمك المتميز لكن بين حروفك لمسنا ذلك الشحوب ومسحت الحزن علت الحروف ثقي أن الحرف لا يكون مؤ ثرا عندما يفقد روح الأمل وبريق الثقة

Unknown يقول...

كعادتك احسنت وصف كلام العقل الباطن ...حيت تدور الخواطر تمزج بفكرك الخاص ..وتصوغ لنا ابداع في همساتك المبدعة ...
مع تحياتي

غير معرف يقول...

الكلام كتير حلو
يسلموو علي هذا الكلام

Unknown يقول...

ليس لي روابط تنحتني فترسم صورة في خواطر الايام ، الا ان هناك حواس ومشاعر تصطبغ بعرائس الايام الهوافت في مقتبل عمر الفتاة فتسقطها على احاسيسها فتكبر ويكبر معها الوهم بأنه يحبها .

Unknown يقول...

هنا نتعلم
لك مودتي

شركة تسويق الكترونى يقول...

شركة تنظيف خزانات بالطائف
اذا اردت الحصول على أفضل شركة تنظيف خزانات بالطائف أفضل العمالة المدربة على اعلى مستوى من الخبرة والكفاءة خدمة ممتازة حيث نقوم بنظافة الخزانات وتعقيمها وتطهيرها بأفضل مواد تنظيف الخزانات الحديثة لكى تحصل على مياه نقية أفضل شركة نظافة خزانات بالطائف ونقوم أيضا بعزل الخزانات بأفضل مواد عزل الخزانات الحديثة خبرة تفوق الخمسة عشرا عاما فى مجال معالجة الخزانات العلوية والارضية.
شركة عزل خزانات بالطائف

mido يقول...

صيانة كريازي
صيانة اريستون
صيانة توشيبا
صيانة وايت بوينت
ا صيانة ال جي
صيانة وايت ويل
صيانة اريستون
صيانة زانوسي
Mohamed Mido

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More