25 ديسمبر 2013

مكتبتي لعام ٢٠١٣

26 تعليق


فقيرة كانت قراءاتي لهذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، لن أبحث لنفسي عن أعذار ولكن انشغالي بدروس العود وأشياء أخرى جعلت  علاقتي الشهية بالكتب شحيحة، وعدتني أن أتصالح العام المقبل مع عالمي النقي..


"لا يمكن لأحد أن ينتصر إلى الأبد، ولم يحدث أبدا أن ظلت أمة منتصرة إلى الأبد..لكنني اليوم أحس بأن شيئا آخر يمكن أن يقال أيضاً وهو أني لست خائفا من أن ينتصروا مرة وننهزم مرة، أنا أخاف شيئا واحدا وهو أن ننكسر إلى الأبد، لأن الذي ينكسر إلى الأبد لا يمكن أن ينهض ثانية، قل لهم احرصوا على ألا تهزموا إلى الأبد"
 
تحية تليق بمقام إبراهيم نصر الله صاحب الملحمة الاستثنائية، رواية "زمن الخيول البيضاء" التي شكلت تأريخا دقيقا للنكبة الفلسطينية، إنها رواية مليئة بالمفاجآت توضح أسباب النكبة وملابساتها، هذا العمل الروائي المبدع اختزال للوضع الفلسطيني..


ملحمة أخرى هي رواية "رحمة" توثيق يخرج من رحم العبودية للروائية توني موريسون الحائزة على جائزة نوبل للآداب لتكون بذلك أول امرأة سوداء تنال الجائزة، رواية شجية ومؤثرة، تعيدنا إلى المجتمع الأمريكي في القرن السابع عشر حيث تسود الطبقية والظلم والفقر وتجارة الرقيق والانقسامات الدينية والعنف والصراعات..
ذروة إبداعية هذه الرواية، عنيفة وقاسية، تنبش في تاريخ ما يسمى بأمريكا اليوم.. 


"عالم صوفي"، رواية حول تاريخ الفلسفة للكاتب النرويجي جوستاين غاردر، تعتبر المدخل الأساسي لهذا العلم.. أبطالها "صوفي أمندسن" فتاة الرابعة عشر التي ستصبح طالبة للرجل الغامض الفيلسوف "ألبرتو كنوكس"..الجزء الأكبر من الرواية قائم على الدروس الفلسفية بدءا من الفلسفة اليونانية قبل السقراطية وصولا إلى الفلسفة الوجودية الخاصة بسارتر..
بعيدا عن تعقيدات المواضيع الفلسفية، عالم صوفي رواية تحملك إلى البحث والتنقيب لمعرفة الإجابات عن العالم.. إنها رواية تجعلك تفكر..

هديتين ثمينتين تلقيتهما، رواية "ساق البامبو" للروائي الكويتي سعود السنعوسي والحائزة على الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) ٢٠١٣ ورواية "يا مريم" للروائي والشاعر العراقي سنان أنطون والحائزة أيضاً على جائزة البوكر العربية لصنف القائمة القصيرة ٢٠١٣..


أما "ساق البامبو"، الرواية التي طرحت مشكلة الهوية في الخليج العربي ومشكلة العمالة الأجنبية بقوة وعمق وبأسلوب سلس بسيط، تحديدا في الكويت على لسان الراوي عيسى/ خوسيه، الإبن المشتت الانتماء، من أب كويتي وأم فلبينية، جاء على لسانه: "لو كنت مثل شجرة البامبو.. لا انتماء لها.. تقتطع جزءا من ساقها.. نغرسه، بلا جذور، في أي أرض.. لا يلبث الساق طويلا حتى تنبت له جذور جديدة.. تنمو من جديد.. في أرض جديدة.. بلا ماض.. بلا ذاكرة.. لا يلتفت إلى اختلاف الناس حول تسميته.. كاوايان في الفلبين.. خيزران في الكويت.. أو بامبو في أماكن أخرى"

هذا ما كان يريده بطل الرواية، هوية كساق البامبو، نبات بلا ذاكرة يتأقلم في أي مكان.. 


"يا مريم" ، عراق الحزن والمآسي التي لا تهدأ، معاناة الأقليات، رواية تحمل رؤيتين متناقضتين لشخصين من عائلة عراقية مسيحية، جدال بين ذاكرة الماضي والحاضر تجسدها شخوص الرواية.. يوسف، الذي يعيش فصله الأخير ويرفض الانسلاخ عن ماضيه وترك بيته الذي عاش فيه زمنه الجميل والذي يعتبر الحاضر غمامة ستنجلي وسرعان ما سيعود عراق الأمس بسلمه وأمانه.. ومها، الشابة التي عصفت بها الحروب الطائفية وفقدت جنينها وتشردت عائلتها، تغرق في آلامها وتتيقن أنها في زمن لا يحيا فيه الهلال مع الصليب، فتنتظر الفرصة لتهجر وزوجها العراقَ لبلاد أقل دموية..

عراق كان وعراق لم يعد.. وما بينهما تثار كل أحرف التساؤل..


رغم عدائه السافر للنساء وفلسفته المؤذية لهن وتحذيره من اتخاذ المرأة صديقا لأنها لا تصلح سوى للحب، وأنها مجرد لعبة للرجل ولا هدف منها ولا مهمة لها سوى الولادة،  وأن هدف الزواج ينحصر في إنتاج الإنسان المتفوق..
إلا أنني قررت نبش مضامين الرواية الفلسفية "هكذا تكلم زرادشت" لفريديريك نيتشه التي قيل عنه في هذه الرواية أنه كان شاعرا أكثر منه فيلسوفا..أربعة أجزاء تسلط الضوء على تأملات زرادشت، الشخصية المستوحاة من مؤسس الديانة الزرادشتية..

يظهر جليا تأثر نيتشة بنظرية الإنسان المتفوق التي بنى عليها نظرياته الأخلاقية، ففلسفته في مجال الأخلاق هي السائدة في الكتاب حيث يعتبر أن الإرادة هي من تحدد اتجاهاتنا واتجاه الحياة نفسها وأنه ينبغي أن نفعل الفضيلة لأجل الفضيلة ولا ننتظر ثوابا عليها كما يعتبر الجسد هو العقل الأكبر ويجسد الواقع بنزعة عدمية تشي بأن العالم كله بما في ذلك وجود الإنسان عديم القيمة وخال من أي مضمون ومعنى حقيقي، فالعدم عنده هو الوجه الآخر للوجود ولا مخرج سوى "تحرر الأنا والدخول في نيرفانا الفناء"..
{النيرفانا في البوذية هي حالة الخلو من المعاناة}


"حكام مكة" للكاتب جيرالد دي غوري، فصول ستة عشر، تخرج منها بكثير من الأضداد والحقائق والالتباسات والغرابة.. بدءا بنشأة مكة وحكامها الأوائل مرورا بالحرب ضد الوهابية في وسط الجزيرة العربية من (١٨١٣-١٨٤٠) وحتى عهد "الرفيق عون"، بعدها يضع الكاتب بين يديك الحقبة الزمنية كاملة من (١٨٨٢ - ١٩٢٥) .. 
التبس علي الأمر ولم أستطع إبداء رأي في هذا الكتاب، ربما توجبت علي قراءات أخرى..


صاحب الهدايا الثمينة أكرمني بكتاب ثالث.. "يوم الدين" للروائية اللبنانية رشا الأمير التي اتخذت بطلا لروايتها إمام مسجد وحبيبته المرأة الحرة المثقفة.. لم أفرغ من قراءته بعد.. لكن التساؤلات التي يثيرها حول المرأة ومسألة الخطيئة ومعناها والرؤية الجريئة التي مزجت فيها الكاتبة الدين بالسياسة والعشق والجنس واللغة تنبه حواسك لتكملة هذه الرواية التي أثارت جدلا كبيرا عند صدورها..

هذا كل ما ترسب في جعبتي هذا العام، وعدتني أن أضاعفه العام القادم.. حتى ذلك الحين، قراءة ممتعة لمن استهوته بعض الالتقاطات..

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More