أغلقت المطارات حتى إشعار آخر، فأحوال السماء لا تنذر بالخير، لا مفر إذن من الوسيلة البديلة..السيارة.. الطريق مكسوة بالثلوج، والأمطار في تهاطل مستمر، ومع هذا وذاك، سنكمل الرحلة، ستكون شاقة نوعا ما، لكن لا بأس، سنصل رغم قساوة الطقس، فأوروبا بأكملها تعاني هذه اللحظة..
المئة كيلومتر الأولى، فالثانية، الثالثة، وكذا الرابعة..هانحن قد وصلنا..في النهاية لم يكن الأمر بالصعوبة التي رسمناها.. بلجيكا ترحب بكم، ها نحن نحط الرحال بالبلد الجار، لكن علينا الان البحث عن المدينة المقصودة، أقصد lommel..ثم بعدها de vossemeren..وبعد بضع كيلومترات..وصلنا، مئة هكتار من المساحات الشاسعة التي اكتست اللباس الأبيض، هو حجم القرية التي سنمضي فيها أياما، والتي تكون عادة حلتها خضراء مع بداية الربيع وحتى أوائل الشتاء، لكن هذا العام يبدو أنه سيكون قاسيا بما فيه الكفاية لكي نلزم البيت، كتاب، ومدفئة تذكرك أن البرد قاتل ما إن تخطو عتبة الدار..
استقبلنا مضيفوا القرية السياحية بحفاوة، الإجراءات كانت بسيطة وسريعة أيضاً، سلمونا مفاتيح مكان الإقامة، المزروع وسط أشجار الصنوبر، وهانحن نغادرهم بابتسامة، هذا كله ونحن نتحدث معهم لغة الإشارات، ظننت أنهم قوم يتحدثون الفرنسية كما هو حال سكان بلجيكا الأصليين، لكن على ما يبدو أننا في منطقة La wallonie، الواقعة جنوب بلجيكا، لغتهم غريبة جدا، هي أقرب إلى الهولندية أو ما شابه، وحتى السياح المتوافدون، وبكثرة عكس ما كنت أتوقع في هذه الفترة من السنة، لا تجد بينهم عربيا أو فرنسيا أو حتى بلجيكيا إلا نادرا، كان ثمة ألمان و هولنديون بكثرة..!!..
استغربت للأمر، أردت أن أسأل عن السبب، لكنني تراجعت، فأنا لا أعرف أي لغة أتحدث إليهم وهم لا ينطقون سوى لغتهم..
ما أجمل الدفء بين أحضان غابات لا ترى منها سوى البياض، مقبلات ووجبة غذاء، ثم استراحة، وبعدها إلى الخارج، حيث الكل ينحني لجبروت الطبيعة..
دون توان، إلى حيث الأسماك الزرقاء، والصفراء، والبرتقالية، والشعاب، والنباتات البحرية، كلها اجتمعت في مكان يسلب الألباب، تجد نفسك تغوص في ماء حرارته ٢٩ درجة، والسماء فوقك عارية، درجة الجو فيها ٦-..
تمازج رائع بين الصقيع والحرارة على ضوء ليل نجومه أسماك بألوان آسرة..عشقت ذلك التزاوج بين مختلف الأصناف، وبقيت أتأمله لفترة..
عودة إلى الداخل، حيث الحرارة معتدلة، والسماء تحجبها قبة زرقاء زجاجية، الأطفال هنا وهناك، يمرحون، والكبار متسامرون، لحظات دافئة بدفء المكان، ومياه منسابة بطرق شتى، مجال رحب لمحبي السباحة، كل وجد ضالته، وكأننا لا نعاني درجات تحت الصفر ترهق مسيرة أيامنا..
أنوار مضاءة تزيد لون الثلج بريقا، عشاء مع عائلتي الصغيرة، استرخاء أمام مدفئة متقنة الصنع، كتاب بعنوان مئة وثمانون غروبا، الذي بدأت قرائته هذا المساء..ودوام في باريس سينتظرني اليوم الموالي للعودة، بعد إجازة جميلة وطويلة دامت تسعة أشهر..أقول هذا كي لا أنسى أن لكل جميل نهاية..^_^..
ليلة هادئة، نوم عميق، ثم أول أشعة الصباح الأولى، فطور على عجل، ربما لأننا جلبنا العادات الباريسية السيئة معنا، فكل ما هناك يسير بوثيرة أسرع من البرق، لذلك لا مجال للكسل..
خيبة صغيرة، لكنها كانت منتظرة، ممارسة ركوب الخيل خارج الخدمة، وملاعب الكولف والرياضات المائية والتسلق كلها مغلقة، فضلا عن البرك المائية التي نظرا لتردي أوضاع الطقس، تحولت إلى مساحات جليدية هائلة،لا يوجد أمامنا الان سوى القاعات المغطاة، بعض من التنس، والبينغ بونغ، ورمي النبال، ورياضات أخرى تمارس في الداخل..
نظرة على الحضيرة، حيث الحيوانات المسالمة، خرفان وماعز وأبقار وخيول وديَكة، لم أميزها بداية، ففروها صار خشنا جدا، ويغلب عليه اللون الأبيض، يبدو أن كل ما هنا تدخلت فيه عوامل الطبيعة، أشفقت عليها من برودة المكان، مع أنها كانت تبدو سعيدة..
الان إلىdiscovery bay، وكأن المكان مغارة ضخمة للمغامرات اللامحدودة، الأطفال المتوافدون على القرية في قمة السعادة، هنا مكانهم المفضل، علمت الان لماذا، بعد أن حشرت نفسي بينهم، يال روعة المكان فعلا، وسلمت أيادي مصممه، وكأنه مغارة حقيقية..
وككل مساء كما مساءات هذا الأسبوع، تنتهي وسط المياه الدافئة والأمواج المختلقة، الشلالات المنسابة تزيد المكان جمالية، هنا يجد من يهوى السباحة مرتعه، وكأن المكان خلق لتعزيز تلك الرغبة..
لا بأس ببعض التسوق، هواية النساء المفضلة، المحلات هنا أنيقة ومرتبة، وسط حديقة مفتعلة، أشجارها تسكنها الببغاوات، تطل منها على اللقالق والسلحفاة الخجولة التي اعتزلت الاخرين، تنعم بالمنظر الجميل، والضوء الخافت فوقها..
أسماك هنا أيضاً، تراقب حركة المارة في الغدو والرواح، تحفها نباتات خضراء من كل نوع..
إلى الان كان كل شيء على ما يرام، حتى صباح العودة، وضعنا الحقائب في السيارة، الثلوج كانت قد تهاطلت بكميات كبيرة بالأمس، ولا مجال لإخراجها من تلك الورطة، محاولات يائسة، انزلقت السيارة، تحطم الجانب الأيسر منها لاصطدامه بسيارة أحد الهولنديين الذي أقام بالقرب منا، انتظرنا شاحنة المساعدة ساعتين تحت البرد القارس، إلى أن حان دورنا، فكثيرون ذلك الصباح كانوا في الوضع ذاته، انتشلت السيارة بصعوبة، وها نحن نسير ببطء شديد، فالعاصفة الثلجية قوية هذه المرة، أمضينا أربع ساعات للخروج من المدينة فقط، والسرعة لا تتجاوز الثلاثين، كل شيء كان جامدا، وكأن السيارات نفير من السلاحف اصطفت واحدة تلو الأخرى..
وأخيرا خرجنا من الزحام، لندخل الطريق السيار، لتكون المفاجأة الكبرى، كل الإشارات داخل السيارة تشتعل باللون الأحمر، يبدو أن هناك عطب ما، لاشيء يعمل، إنها كارثة، لم تفعلها منذ أن صارت رفيقتي، اتصلنا بالتأمين، حاولوا إرسال سيارة ما، أو حتى طاكسي، لكن لا أحد يعمل، الليلة عيد الميلاد، تشل الحركة لدى الأوروبيين، بقي أمامنا القطار، توجهنا نحوه، ليخبرونا أن الرحلة القادمة ألغيت بفعل الثلوج..
نُقلت السيارة إلى أقرب كراج بين الحدود الفرنسية البلجيكية، لم يبقى لي سوى الاتصال بأقارب يقطنون في المنطقة نفسها، أعارونا سيارة، ثم واصلنا مشوار اليوم الرهيب، لنصل بعد ثلاثة عشرة ساعة من الطريق اللامنتهية، بعد أن قطعناها في الذهاب في ظرف ثلاث ساعات ونصف الساعة..
غرفتي، ما أجملها، أعشقها، وكأن كل شيء كان كابوسا مزعجا.. تركنا وراءنا القرية في عمل دؤوب، وضجة هادئة، استعدادات ضخمة للاحتفال بعيد الميلاد، فليلة الرابع والعشرين من كل ديسمبر مقدسة عندهم، وتعني لهم الكثير..
قررت أن لا أعود إلى هناك في الفصول الباردة، فقد أخذت عبرة من الطريق، لكنني مع تفتح أول زهرة ربيعية سأعود، حتما سأعود..
استقبلنا مضيفوا القرية السياحية بحفاوة، الإجراءات كانت بسيطة وسريعة أيضاً، سلمونا مفاتيح مكان الإقامة، المزروع وسط أشجار الصنوبر، وهانحن نغادرهم بابتسامة، هذا كله ونحن نتحدث معهم لغة الإشارات، ظننت أنهم قوم يتحدثون الفرنسية كما هو حال سكان بلجيكا الأصليين، لكن على ما يبدو أننا في منطقة La wallonie، الواقعة جنوب بلجيكا، لغتهم غريبة جدا، هي أقرب إلى الهولندية أو ما شابه، وحتى السياح المتوافدون، وبكثرة عكس ما كنت أتوقع في هذه الفترة من السنة، لا تجد بينهم عربيا أو فرنسيا أو حتى بلجيكيا إلا نادرا، كان ثمة ألمان و هولنديون بكثرة..!!..
استغربت للأمر، أردت أن أسأل عن السبب، لكنني تراجعت، فأنا لا أعرف أي لغة أتحدث إليهم وهم لا ينطقون سوى لغتهم..
دون توان، إلى حيث الأسماك الزرقاء، والصفراء، والبرتقالية، والشعاب، والنباتات البحرية، كلها اجتمعت في مكان يسلب الألباب، تجد نفسك تغوص في ماء حرارته ٢٩ درجة، والسماء فوقك عارية، درجة الجو فيها ٦-..
تمازج رائع بين الصقيع والحرارة على ضوء ليل نجومه أسماك بألوان آسرة..عشقت ذلك التزاوج بين مختلف الأصناف، وبقيت أتأمله لفترة..
عودة إلى الداخل، حيث الحرارة معتدلة، والسماء تحجبها قبة زرقاء زجاجية، الأطفال هنا وهناك، يمرحون، والكبار متسامرون، لحظات دافئة بدفء المكان، ومياه منسابة بطرق شتى، مجال رحب لمحبي السباحة، كل وجد ضالته، وكأننا لا نعاني درجات تحت الصفر ترهق مسيرة أيامنا..
أنوار مضاءة تزيد لون الثلج بريقا، عشاء مع عائلتي الصغيرة، استرخاء أمام مدفئة متقنة الصنع، كتاب بعنوان مئة وثمانون غروبا، الذي بدأت قرائته هذا المساء..ودوام في باريس سينتظرني اليوم الموالي للعودة، بعد إجازة جميلة وطويلة دامت تسعة أشهر..أقول هذا كي لا أنسى أن لكل جميل نهاية..^_^..
ليلة هادئة، نوم عميق، ثم أول أشعة الصباح الأولى، فطور على عجل، ربما لأننا جلبنا العادات الباريسية السيئة معنا، فكل ما هناك يسير بوثيرة أسرع من البرق، لذلك لا مجال للكسل..
نظرة على الحضيرة، حيث الحيوانات المسالمة، خرفان وماعز وأبقار وخيول وديَكة، لم أميزها بداية، ففروها صار خشنا جدا، ويغلب عليه اللون الأبيض، يبدو أن كل ما هنا تدخلت فيه عوامل الطبيعة، أشفقت عليها من برودة المكان، مع أنها كانت تبدو سعيدة..
الان إلىdiscovery bay، وكأن المكان مغارة ضخمة للمغامرات اللامحدودة، الأطفال المتوافدون على القرية في قمة السعادة، هنا مكانهم المفضل، علمت الان لماذا، بعد أن حشرت نفسي بينهم، يال روعة المكان فعلا، وسلمت أيادي مصممه، وكأنه مغارة حقيقية..
وككل مساء كما مساءات هذا الأسبوع، تنتهي وسط المياه الدافئة والأمواج المختلقة، الشلالات المنسابة تزيد المكان جمالية، هنا يجد من يهوى السباحة مرتعه، وكأن المكان خلق لتعزيز تلك الرغبة..
لا بأس ببعض التسوق، هواية النساء المفضلة، المحلات هنا أنيقة ومرتبة، وسط حديقة مفتعلة، أشجارها تسكنها الببغاوات، تطل منها على اللقالق والسلحفاة الخجولة التي اعتزلت الاخرين، تنعم بالمنظر الجميل، والضوء الخافت فوقها..
أسماك هنا أيضاً، تراقب حركة المارة في الغدو والرواح، تحفها نباتات خضراء من كل نوع..
إلى الان كان كل شيء على ما يرام، حتى صباح العودة، وضعنا الحقائب في السيارة، الثلوج كانت قد تهاطلت بكميات كبيرة بالأمس، ولا مجال لإخراجها من تلك الورطة، محاولات يائسة، انزلقت السيارة، تحطم الجانب الأيسر منها لاصطدامه بسيارة أحد الهولنديين الذي أقام بالقرب منا، انتظرنا شاحنة المساعدة ساعتين تحت البرد القارس، إلى أن حان دورنا، فكثيرون ذلك الصباح كانوا في الوضع ذاته، انتشلت السيارة بصعوبة، وها نحن نسير ببطء شديد، فالعاصفة الثلجية قوية هذه المرة، أمضينا أربع ساعات للخروج من المدينة فقط، والسرعة لا تتجاوز الثلاثين، كل شيء كان جامدا، وكأن السيارات نفير من السلاحف اصطفت واحدة تلو الأخرى..
وأخيرا خرجنا من الزحام، لندخل الطريق السيار، لتكون المفاجأة الكبرى، كل الإشارات داخل السيارة تشتعل باللون الأحمر، يبدو أن هناك عطب ما، لاشيء يعمل، إنها كارثة، لم تفعلها منذ أن صارت رفيقتي، اتصلنا بالتأمين، حاولوا إرسال سيارة ما، أو حتى طاكسي، لكن لا أحد يعمل، الليلة عيد الميلاد، تشل الحركة لدى الأوروبيين، بقي أمامنا القطار، توجهنا نحوه، ليخبرونا أن الرحلة القادمة ألغيت بفعل الثلوج..
نُقلت السيارة إلى أقرب كراج بين الحدود الفرنسية البلجيكية، لم يبقى لي سوى الاتصال بأقارب يقطنون في المنطقة نفسها، أعارونا سيارة، ثم واصلنا مشوار اليوم الرهيب، لنصل بعد ثلاثة عشرة ساعة من الطريق اللامنتهية، بعد أن قطعناها في الذهاب في ظرف ثلاث ساعات ونصف الساعة..
غرفتي، ما أجملها، أعشقها، وكأن كل شيء كان كابوسا مزعجا.. تركنا وراءنا القرية في عمل دؤوب، وضجة هادئة، استعدادات ضخمة للاحتفال بعيد الميلاد، فليلة الرابع والعشرين من كل ديسمبر مقدسة عندهم، وتعني لهم الكثير..
قررت أن لا أعود إلى هناك في الفصول الباردة، فقد أخذت عبرة من الطريق، لكنني مع تفتح أول زهرة ربيعية سأعود، حتما سأعود..
3 تعليق
التسميات: حول العالمالله .. رحلة جميلة جداا الى بلجيكا ...
أنا كنت هناك فى يناير الماضى فى رحلة عمل وكانت كما وصفك بالضبط .. ولكنك يا عزيزتى أخترت الوقت الغير مناسب ..
رحلتك للقرية السياحية المفروض فى الربيع أو أوائل الصيف..
عموما الرحلة كانت ممتازة و أرى من وصفك ان كل شيء كان راائع مااااا عدااا يوم العودة .. فعلاً كابوس ..
.. ولكن أظن انه ترك عليك بصمة ذكريات حلوة و فى نفس الوقت أعطاك تجربة فى التحمل وهذا من صالحك فى المستقبل ..
جميله هى الصور جدااا ..
دمتى بدفئ ووفاء
اهلا أمال..
رحلتك امتدت لبلجيكا اذن، لكن اظنك نسيت ان تردي على رسالتي اختي الكريمة ؛)
و عن لغة البلجيكيين في هاته المناطق، و خاصة الجنوب؛ فهي الفلامانية و هي اللغة الاصلية للبلجيكيين الاصليين، و هي قريبة نوعا ما للهولندية لكنها مميزة عنها نوعا ما.
مناشف لجهاز المايكروفايبر : هذه مناشق بيضاء مثل اى مناشف اخرى إلا أن ما يميزها انها تسهل عملية التنظيف والتلميع لتحصل على افضل تجربة .
شركة النجوم لخدمات التنظيف
شركة تنظيف فلل بالطائف
شركة تنظيف مجالس بالطائف
شركة نقل اثاث بالطائف
إرسال تعليق