19 نوفمبر 2010

على سنة الله ورسوله

8 تعليق


ينسون أو يتناسون، أنه شُرع بالأساس، لعمارة الكون، وإقرار السكينة، لقضاء مصالح الأمة، وتحقيق مطلب السعادة، ينسون أنه عبادة، طاعة، وامتثال لأوامر الله، عوض أن يكون رياء وتعاليا على خلقه .
بيد أن رباط الزواج، في واقع مجتمعاتنا العربية، يتخذ منحى آخر بعيدا عن مغزاه الحقيقي، ويتَّبع المفهوم العكسي للإشهار الذي حثت عليه السنة النبوية، فصار يُشهر له بإعدادات مضنية، وولائم وتحضيرات شاقة من ألبسة وأكسسوارات وتقاليد لا معنى لها، بل أضحى استعراضا للحسابات البنكية، تبذير وإسراف، تصاحبه أزمات نفسية ومادية، تخنق الطرفين، وديون قد ترافقهما مدة طويلة، ليعكر هاجس التخلص منها طعم الحياة، ويكدر صفوها .

لقد تحول فعلا مشروع الزواج إلى عملية حسابية مكلفة، تختزل في الغالب في ليلة واحدة، ومنغص أساسي لمن أراد إكمال نصف دينه كما يقال، دون الوقوع في شراك القروض التي ستثقل كاهله حقبة من الزمن .

إن هذه العقبات، تشكل عائقا يواجه أغلب الشباب، فهي تزداد بمرور الوقت وتتعاظم، والحال ينذر لا محالة بخطورة الواقع وسوء العاقبة، مع أن الإسلام جاء بتيسير أمور الزواج وتسهيلها، ففي حديث لعائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة)..فالمبالغة في التجهيزات، وغلاء المهور في بعض الأوساط، وجشع بعض الأولياء في المطالبة بمبالغ خيالية تذل المرأة وتعرضها للمزايدة، كسلعة يساوم عليها، مع أن الإسلام جاء ليحفظ كرامتها ويجلها، وقد أنكر الرسول عليه السلام المغالاة في المهور، فقد جاءه رجل يسأله فقال:يا رسول الله، إني تزوجت امرأة على أربع أواق من الفضة، يعني مائة وستون درهما، فقال النبي:أوّه، على أربع أواق من الفضة؟ كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك .

فلماذا كل هذا التبذير، والإسراف؟..الذي يسفر عنه عزوف في صفوف الراغبين في الزواج، وترتفع معه نسبة العنوسة التي تتزايد بشكل مخيف، وقد يؤدي إلى نفور وترهيب من فكرة الارتباط الذي تزيده تعقيدا العادات الجاهلة..فأين الحب والطمأنينة والسعادة من كل هذا؟.. ليلة العرس..إشهار مكلف بامتياز، رياء لا يضاهى، فرصة للتباهي، وإبراز القدرات المالية، لماذا تهدر الأموال هكذا لمناسبة ليلة واحدة؟..أليس هناك من هم أولى بها من يتامى وجمعيات خيرية ومحتاجين يتضورون جوعا؟..( إن أناسا يتخوضون في مال الله بغير حقه لهم النار يوم القيامة ).
هذا وما تجلبه تلك الليلة من ضجة وصخب تُنتهك فيها حقوق الجوار، فأين احترام الآخر هنا؟ متى تراعى حقوق المريض والمسن والرضيع؟ .

فلتتضافر جهودكم يا شباب المجتمعات العربية، رفقة علماء الأمة ووجهائها، لنبذ هذه المفاهيم المغلوطة، وتيسير سبل الزواج، والدعوة إلى تسهيل وسائله، والرقي بمفهومه إلى مستوى حضاري وثقافي، يحجب التخلف والجهل المطبق عليه بصفة شمولية .

8 تعليق

سناء المغربية يقول...

شخصيا أرفض فكرة العرس، كما أرفض المغالاة في المهر
بالنسبة لي العرس ضياع للأموال وفقصة ما بعدها فقصة
لكن للأسف مثل هاته الأمور لا تكون بأيدينا فقط
خليها عالله ألالة امال ههه
سلاموووووووو

iHibo يقول...

الاعراس اكرهها في الاساس ولا اذهبها الا نادرا الى المطلق الابد ^^
في المستقبل لا افكر في اقامه عرس في حالة فكرت في الزواج :)

أيــــــور يقول...

ههمت في طرح هذا الموضوع للنقاش..ولكن بدا لي مستهلكا نوعا ما، بالنسة لك أرى أنك قد وفقت في طرحه ورغم أنك تطرقت إل.ى معظم جوانبه إلا أنك أغفلت بعضها.وإن شاء الله ستكون تدوينتي متممة لهذه التدوينة وأعتبر تدوينتك باعثة على الفكرة ....شكرا

مدونة يسرى يقول...

فعلا معك ألف حق فبدلا من إهذار الأموال بدون طائل ومن أجل ليلة واحدة قد تترك لنا صورا للذرى لا غير يمكن أن تنفعنا تلك الأموال في اقتناء ما نحن محتاجين إليه في بداية الحياة الزوجية...
تقبلي مروري

admin يقول...

بعد هذا الكلام، يخرس اللسان..

كنت هنا..

لطيفة شكري يقول...

اعجبني الموضوع كثيرا ..طريقتك في التطرق إليه أجمل ..لو اخذت العبرة مما تكتبين لصار العالم أفضل بكثير ..
أتذكر أني زرت الصالون الشرقي للأعراس هنا في باريس .. فتذكرت حروفك الحكيمة هذه كلما وقع نظري على الأثمنة و بعض من التفاصيل التافهة التي لا تخلو من أعراسنا ...
على كل أبدعت بهذا الموضوع الإجتماعي المفيد ..دمت صوت الحكمة يا أمال ..

Alaeddine يقول...

السلام عليكم،
إن من الحكمة أن ينظر الناس للعرس كأنه يوم يعلن فيه إثنان ولادة تجربة جديدة ستأدي إلى تأسيس أسرة تحتاج لا محالة إلى دفعة قوية نحو انطلاقة جيدة خالية من الديون والمشاكل المادية. فتلك المشاكل هي التي تأدي بآلاف المتزوجين إلى اختيار الإنفصال بعد 3 شهور عن العرس !!
موضوع جميل جدا، جزاك الله خيرا !

أمال يقول...

السلام علكم
اتفق معك جدااا, اجد ايضا ان كل تلك العادات والاسراف والمبالغة في تناول اشهار الزواج ينقلب سلبا على الحياة المستقبلية للزوجين,فيكفي ان كتير من الاسر تمضي العمر في تسديد ديون ليلة واحدة هدا إدا استمر الزواج في ضل تلك المشاكل التي ولدت مع بدايته.
كما قلت نتناسى المغزى الحقيقي من هدا الارتباط المقدس ونهرول وراء المضاهر والتباهي وما نجنيه سوى معاناة سنوات.
طرح جيد وموفق, بارك الله فيك

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More