الأزقة ضيقة والدروب خاوية، لا لون للسماء، الغيمات مجعدة، الشرفات مغلقة والستائر مسدولة، أرنو إلى البيت الذي خلا من سكانه، أزهار صفراء يابسة تنظر إلي، أتفاداها، الصحن الوسطي جف منه النبع، والغرف التي تلتف حوله جفت منها الحياة..لا أسمع صوتا، لا أسمع صوتي، أتساءل عما يدور ببال الصمت..
يجيبني الصدى: إنه جيش مهزوم عائد من معركة خاسرة، يجمع أشلاء الخيبات في سكون الظهيرة على أنقاض مدينة الزهراء..أنتِ تبعدين بثلاثين كيلومترِ خيبةٍ عن قرطبة..
أمشي، الساحة خالية والمشهد ذاته، سكون رهيب، وأنا أكره الهزيمة، سأبحث عن شيء في اللاشيء..
مهلا أيها الانتظار، أَرْهِفِ السمع، شيء ما يأتي من عتبة دار المدنيات، إنه لحن زرياب يخرج من أسوار المدينة...